(قال:المبحث الرابع: لما كان حدوث الضوء في المستضيء قد يكون من مضيء
عال، أو متحرك أو متوسط بينه و بين المضيء بالذات توهم أن الضوء نفسه يتحرك
انحدارا أو اتباعا، أو انعكاسا، فهو أجسام صغار تنفصل من المضيء و يتصل
بالمستضيء، و يبطله أنه لا يعقل الحركة بالطبع إلى جهات مختلفة، و لا الحركة في
لحظة من فلك الشمس إلى الأرض مع خرق للأفلاك، و لا كون ما وراء الجسم المحسوس أظهر
للباصرة السليمة).
زعم بعض الحكماء[1]: أن
الضوء أجسام صغار تنفصل من المضيء و تتصل بالمستضيء تمسكا بأنه متحرك بالذات و
كل متحرك بالذات جسم، أما الكبرى فظاهرة، و إنما قيدنا بالذات لأن الأعراض تتحرك
بتبعية المحل، و أما الصغرى فلأن الضوء ينحدر من الشمس إلى الأرض. و يتبع المضيء
في الانتقال من مكان إلى مكان كما يشاهد في السراج المنقول من موضع إلى موضع، و
ينعكس مما يلقاه إلى غيره، و كل ذلك حركة.
و الجواب: المنع، بل كل ذلك حدوث للضوء في المقابل للمضيء و الحركة
و هم، و يدل على بطلان هذا الرأي وجوه.
الأول:أنه لو كان جسما متحركا لامتنع حركته إلى جهات مختلفة ضرورة
[1]راجع ما كتبه صاحب المواقف في القسم
الثاني من الجزء الخامس ص 247.