و أما عند الفلاسفة: فبما تكون موجودة معا بالفعل مترتبة وضعا كما
في سلسلة المقادير على ما يذكر في تناهي الأبعاد أو طبعا كما في سلسلة العلل و
المعلولات، و فلا ترد الحركات الفلكية، لكونها متعاقبة غير مجتمعة و لا جزئيات نوع
واحد، كالنفوس الناطقة على تقدير عدم تناهيهما بحسب العدد لكونها غير مترتبة.
فإن قيل: التخصيص في الأدلة العقلية، اعتراف ببطلانها حيث يتخلف
المدلول عنها.
قلنا: معناه أن الدليل لا يجري في صورة النص، بل يختص بما عداها.
أما عندنا فنظرا إلى أن ما لا تحقق له في نفس الأمر لا يمكن
التطبيق فيه إلا بمجرد الوهم، فينقطع بانقطاعه بخلاف ما في نفس الأمر، فإنه لا بد
أن يقع بإزاء كل جزء جزء، أو لا يقع، و هو معنى الانقطاع، و أما عندهم فنظرا إلى
أن التطبيق بحسب نفس الأمر، إنما يتصور فيما له مع الوجود ترتب ليوجد بإزاء كل[1]جزء من هذه جزء من تلك، فلا يجري في الأعداد، و لا في الحركات
الفلكية[2]،و لا في النفوس
الناطقة، و الحق أن تحصيل الجملتين من سلسلة واحدة، ثم مقابلة جزء من هذه بجزء من
تلك، إنما هو[3]بحسب العقل دون الخارج، فإن كفى في تمام الدليل حكم العقل، بأنه لا
بد أن يقع[4]بإزاء كل جزء جزء أو لا يقع[5]. فالدليل جار في الأعداد، و في الموجودات المتعاقبة، و المجتمعة المترتبة،
و غير المترتبة، لأن للعقل أن يفرض ذلك في الكل، و إن لم يكن[6]ذلك، بل اشتراط ملاحظة أجزاء الجملتين على التفصيل لم يتم الدليل
في الموجودات المترتبة، فضلا عما عداها، لأنه لا سبيل للعقل إلى ذلك إلا[7]فيما لا يتناهى من الزمان.