تصورها بصورة إجمالية تساويها صونا للطلب و النظر عن إخلال بما هو
منها، و اشتغال[1] بما ليس منها، و ذلك هو المعنى بتعريف
العلم، فكان من مقدماته و إنما كثر تركه سيما في العلوم الشرعية و الأدبية لما شاع
من تدوين العلوم بمسائلها و دلائلها[2]، و تفسير ما يتعلق بها من التصورات ثم تحصيلها كذلك بطريق التعلم من
العلم، أو التفهم من الكتاب و إذا تقرر هذا فنقول:
الأحكام المنسوبة إلى
الشرع منها ما يتعلق بالعمل و تسمى فرعية و عملية و منها ما يتعلق بالاعتقاد، و
تسمى أصلية و اعتقادية، و كانت الأوائل من العلماء ببركة صحبة النبي صلّى اللّه
عليه و سلم و قرب العهد بزمانه و سماع الأخبار منه، و مشاهدة الآثار مع قلة
الوقائع و الاختلافات، و سهولة المراجعة إلى الثقات مستغنين عن تدوين الأحكام[3]، و ترتيبها أبوابا و فصولا، و تكثير
المسائل فروعا و أصولا إلى أن ظهر اختلاف الآراء، و الميل إلى البدع و الأهواء؛ و
كثرت الفتاوى و الواقعات، و أمست الحاجة فيها إلى زيادة نظر و التفات، فأخذ أرباب
النظر و الاستدلال في استنباط الأحكام و بذلوا جهدهم في تحقيق عقائد الإسلام، و
أقبلوا على تمهيد أصولها و قوانينها، و تلخيص حججها و براهينها، و تدوين المسائل بأدلتها،
و الشبه بأجوبتها، و سموا العلم باسم الفقه، و خصوا الاعتقاديات[4] باسم الفقه الأكبر، و الأكثرون خصوا
العمليات باسم الفقه، و الاعتقاديات[5] بعلم التوحيد. و الصفات تسمية بأشهر أجزائه و أشرفها و بعلم الكلام،
لأن مباحثه كانت مصدرة بقولهم: الكلام في كذا و كذا[6] و لأن أشهر الاختلافات فيه كانت مسألة كلام اللّه تعالى أنه قديم أو
حادث، و لأنه يورث قدرة على الكلام في تحقيق الشرعيات كالمنطق في الفلسفيات، و
لأنه كثر فيه من الكلام مع المخالفين و الرد عليهم،[7] ما لم يكثر في غيره. و لأنه لقوة أدلته صار كأنه هو الكلام
[1] في (ب) أو اشتغال.
[2] سمي الكلام كلامالأنهم كانوا يصدرون مباحثه بقولهم: الكلام في كذا أو لأن صفة الكلام فيه أشهر ماوقع الاختلاف فيه أو لأنه يورث القدرة على الكلام في سائر الشرعيات و كان يسمىأولا: الفقه الأكبر حين دونوه.
[3] في (ب) تدوينالمسائل.
[4] في (ب) الاعتقادات.
[5] في (ب) الاعتقادات.
[6] في (ب) في كذا وكذا بسقوط (لأن).
[7] في (ب) بما لميكتر.