يا له من يوم كسفت فيه
شموس الإسلام و المسلمين، و خسفت به بدور الطاهرين، و رجفت فيه اقدام أهل اليقين،
و طأطأ الإسلام رأسه ذلًّا و جزعا بلسان الحال من تلك الأهوال، و ناح لسان حال
الشرائع و الأحكام، و كاد ان يموت ضوء النّهار و يحيى أموات الظلام، و بهتت العقول
السليمة و عادت[2] لعزلها عن ولايتها، و شقّت جيوب
القلوب المستقيمة لغلبتها على امارتها، و تبرّأت الباب المحاربين لذريّة سيد
المرسلين من أَصحابها، و شكت إلى اللَّه جلّ جلاله على مصابها.
و عقدت ألوية العار على
كلّ عاذر و خاذل، و وسمت جباه الشامتين باستحقاق كلّ هول هائل و خطب شامل، و أشرف
الملائكة و الأنبياء و المرسلين و محمد صلوات اللّه و سلامه عليه و عترته
المظلومون، من مناظر التّعجب يطلعون و يسترجعون ممّا قد بلغت الحال إليه، و عجزت
القوّة البشرية عن احتمال ما أقدم الأعداء عليه.
و قال لسان حال الرسول
الداعي لكل سامع و واع، السّاعين إلى سفك دمه الشريف بسوء المساعي: إذا لم تجازونا
على الإحسان، و لم تعترفوا لنا بحقّ العتق من الهوان و من عذاب النيران، و لم
تذكروا لنا بسط أيديكم على ملوك الأزمان، و ما فتحنا عليكم من أبواب الرضوان و
الجنان، فارجعوا معنا إلى حكم المروّة و الحباء و عوائد الكرم في الجاهلية الجهلاء
أوّلًا، فلا تكونوا لنا و لا علينا، فما الّذي حملكم على العداوة لنا و الاقدام
على القتل لنا و التشفّي بالإساءة إلينا.
فناداه لسان حال الشفقة على
قلبه المصدود: القوم أموات و لست بمسمع من في القبور.