نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 90
فاذا خرج من مثل هذه
البلدة، و من مثل هذه القبيلة انسان من غير أن مارس شيئا من العلوم، و لا تتلمذ
لأحد من العلماء البتة، ثم بلغ فى معرفة ذات الله و صفاته و أفعاله و أسمائه و
أحكامه، هذا المبلغ العظيم، الّذي عجز جميع الأذكياء من العقلاء عن القرب منه، و أقر
الكل بأنه لا يمكن أن يزداد فى تقرير الدلائل على ما ورد فى القرآن، ثم ذكر قصص
الأولين و تواريخ المتقدمين بحيث لم يتمكن أحد من الأعداء أن يقول: انه أخطأ فى
شيء منها، بل بلغ كلامه فى البعد عن الريب و الشك الى أن قال عند مجادلتهم اياه: «فَقُلْ: تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ» الى قوله: «فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ
عَلَى الْكاذِبِينَ» [آل عمران 61] و قال: «تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ، ما كُنْتَ
تَعْلَمُها أَنْتَ وَ لا قَوْمُكَ» [هود 49] و لم يقدر أحد
أن يقول: انه طالع كتابا أو تتلمذ لأستاذ.
و كانت هذه الأحوال
الظاهرة معلومة للأصدقاء و الأعداء على ما قال تعالى:
«أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ؟ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ» [المؤمنون 69] و قال: «وَ ما كُنْتَ
تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ، وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ
الْمُبْطِلُونَ» [العنكبوت 48] و قال: «فَقَدْ لَبِثْتُ
فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ. أَ فَلا تَعْقِلُونَ»؟
[يونس 16] و كل من له عقل سليم و طبع مستقيم، يعلم أن هذه الأحوال لا تتيسر الا
بالتعليم الالهى و الهداية الربانية.
النوع الثانى:
انه عليه السلام كان قبل
اظهار دعوى الرسالة و النبوة، ما كان يشرع فى هذه المسألة الالهية، و ما كان يبحث
عنها و ما جرى على لسانه قط حديث النبوة و الرسالة.
و الّذي يدل على صحة
قولنا: أنه لو اتفق له شروع فى هذه المطالب و المباحث، قبل اظهار ادعاء
الرسالة و النبوة، لقالت الكفار له: انك أفنيت عمرك فى التدبر و التأمل، و تحصيل
هذه الكلمات حتى
نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 90