نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 88
و أما القسم الثانى- و
هو الأحوال العائدة الى ذاته-
فهو مثل النور الّذي كان ينتقل
من أب الى أب، الى أن خرج الى الدنيا، و ما كان من الخاتم بين كتفيه. و ما سوى هذا[7] من خلقته و صورته التى هى بحكم
الفراسة دالة على نبوته.
و أما القسم الثالث- و
هو ما يتعلق بصفاته- و هى كثيرة
و نحن نشير الى بعضها:
فالأول: ان أحدا ما سمع منه لا فى مهمات الدين و لا فى مهمات الدنيا، كذبا
البتة. فلو صدر عنه الكذب مرة واحدة، لاجتهد أعداؤه فى تشهيره و اظهاره.
و الثانى: انه ما أقدم على فعل قبيح، لا قبل النبوة و لا بعدها.
الثالث: انه لم يفر عن أحد من أعدائه لا قبل النبوة و لا بعدها- و ان عظم
الخوف- مثل يوم أحد و يوم الأحزاب. و هذا يدل على أنه كان قوى القلب بمواعيد الله،
حيث قال: «وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ»
[المائدة 67] و قال: «حَسْبُكَ اللَّهُ» [الأنفال 64] و قال:
«إِلَّا تَنْصُرُوهُ.
فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ» [التوبة 40] و الرابع: انه كان عظيم الشفقة و
الرحمة على أمته. قال الله تعالى: «فَلا تَذْهَبْ
نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ» [فاطر 8] و قال تعالى «فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ»
[الكهف 6]. و قال: «وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ»
[النحل 127] و قال: «عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ،
حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ، بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ»
[التوبة 128] الخامس: انه عليه السلام كان فى أعظم الدرجات
فى السخاوة، حتى أنه تعالى عاتبه عليها. و قال:
«لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ» [الاسراء 29]