و الثانية: انه تعالى قادر على هذا الممكن، لأنه لو لم يكن الأمر كذلك، لما كان
الابتداء ممكنا. و قوله تعالى: «قُلْ: لا يَعْلَمُ
مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ» اشارة الى المقدمة الثالثة. و هى كونه تعالى عالما بكل المعلومات،
ثم لما قرر هذه المقدمات الثلاث أخبر عن جهالة من نازع فى صحة المعاد الجسمانى بعد
الاقرار بتلك المقدمات الثلاث، فقال: «بَلِ ادَّارَكَ
عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ، بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها، بَلْ هُمْ مِنْها
عَمُونَ» [النمل 66] و الآية الثانية: فى سورة الروم. و هى قوله تعالى:
«وَ هُوَ الَّذِي وَ نَسِيَ خَلْقَهُ» الى قوله: «وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ»
[يس 78- 79] فقوله: «أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ» اشارة الى الجواز الذاتى و القدرة.
و قوله: «وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ»
اشارة الى كمال العلم. و أيضا: قوله تعالى: «أَ وَ لَيْسَ
الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ؟ [يس 81] اشارة الى الجواز الذاتى، أو الى كمال القدرة ثم قال: «بَلى. وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ»
[يس 81] اعادة لتلك المقدمة مع مقدمة العلم.
و الآية الثالثة: فى سورة الروم. و هى قوله تعالى:
«وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ، ثُمَّ يُعِيدُهُ. وَ هُوَ أَهْوَنُ
عَلَيْهِ. وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى» الى قوله: «الْحَكِيمُ» [الروم 27] فقوله: «يَبْدَؤُا الْخَلْقَ، ثُمَّ يُعِيدُهُ»
اشارة الى الجواز الذاتى و كمال القدرة، ثم قوله:
«وَ هُوَ الْعَزِيزُ» اشارة أيضا الى كمال القدرة و
«الحكيم» اشارة الى كمال العلم.
و نحن قد شرحنا فى
تفسيرنا: أن كل آية وردت فى هذه المسألة فهى مشتملة على تقرير هذه المقدمات
الثلاث.
نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 57