نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 51
الذوات هلكت، فلما قال: «كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ» علمنا: أن الذوات
لا تبقى بل تفنى و تصير معدومة.
أجاب القائلون بأن الله
تعالى لا يعدم الذوات. فقالوا: الهلاك عبارة عن خروج الشيء عن كونه ممتنعا. و اذا
تفرقت أجزاء السموات و الأرض، فقد خرجت عن كونها منتفعا بها. و يكفى هذا القدر فى
صدق قولنا: انها هلكت.
أجاب المستدل الأول: بأنها اذا تفرقت فقد خرجت السماء عن كونها منتفعا بها. أما أنه ما
خرجت تلك الأجزاء عن كونها منتفعا بها، فلأن تلك الأجزاء صالحة لأن تتركب منها
السموات و العناصر و الجنة و النار، و صالحة لأن يستدل بها على الصانع القديم.
فثبت: أن المركبات و ان خرجت عن كونها منتفعا بها، بسبب التفريق. فتلك الأجزاء و
الذوات، ما خرجت عن كونها منتفعا بها. فثبت: ان الأجزاء و الذوات لو بقيت، لما صدق
عليها أنها هلكت. و القرآن يدل على أن لكل يصير هالكا، فوجب القطع بأن الأجزاء
تفنى.
الحجة الثانية: التمسك بقوله تعالى: «وَ هُوَ الَّذِي
يَبْدَؤُا الْخَلْقَ، ثُمَّ يُعِيدُهُ» [الروم 27] و لفظ
«الخلق» متناول لجميع المخلوقات، و الضمير فى قوله «يعيده» عائد الى الخلق، فدلت
هذه الآية على أنه تعالى يعيد جميع مخلوقاته، و الاعادة لا تعقل الا بعد تقدم
الافناء، فدل هذا على أنه تعالى يفنى جميع مخلوقاته.
الحجة الثالثة: التمسك بقوله تعالى: «هُوَ الْأَوَّلُ وَ
الْآخِرُ» [الحديد 3] معنى كونه أولا: هو أنه تعالى كان موجودا فى الأزل، مع
أنه ما كان معه غيره و كذلك معنى الآخر: هو أنه تعالى يبقى فى الأبد مع أنه لا
يكون معه غيره. و هذا يقتضي أنه تعالى يعدم جميع المخلوقات حتى يتحقق كونه آخرا،
ثم يعيدها مرة أخرى، ليتحقق صدق الآيات الدالة على أن الثواب و العقاب، لا آخر
لهما.
نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 51