نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 182
و هاهنا فى هذه الآية لا
يمكننا أن نعرف أن المراد من قوله تعالى:
«وَ لَا
الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ» بيان المبالغة الا اذا
عرفنا قبل ذلك أن الملائكة المقربين أفضل من المسيح. و حينئذ يتوقف صحة الدليل على
صحة المدلول. و ذلك دور.
الرابع: هب أن هذه الآية
دالة على أن منصب الملك أعلى و أزيد، من منصب المسيح. لكنها لا تدل على أن تلك
الزيادة فى جميع المناصب أو فى بعضها. فانه اذا قيل هذا العالم لا يستنكف من خدمته
الوزير و لا السلطان، فهو لا يفيد الا أن السلطان أكمل من الوزير فى بعض الأشياء-
و هى القدرة و السلطنة- و لا يفيد كون السلطان أزيد من الوزير فى الزهد و العلم.
اذا ثبت هذا، فنحن نقول
بموجبه. و ذلك لأن الملك أفضل من البشر فى القدرة و القوة و البطش. فان جبريل عليه
السلام قلع مدائن لوط، و البشر لا يقدرون على شيء من ذلك. فلم قلتم: ان الملك
أفضل من البشر فى كثرة الثواب الحاصل بسبب مزيد الخشوع و العبودية؟
و تمام التحقيق: ان الفضل
المختلف فيه فى هذه المسألة هو كثرة الثواب، ثم ان كثرة الثواب لا تحصل الا بنهاية
التواضع و الخضوع، و كون العبد موصوفا بنهاية التواضع للّه تعالى، لا يلائم
صيرورته مستنكفا عن عبودية الله تعالى، بل ينافيها و يناقضها، فامتنع أن يكون
المراد من الآية هذا المعنى. أما اتصاف الشخص بالقدرة الشديدة و القوة الكاملة،
فانه مناسب للتمرد و ترك العبودية.
و النصارى لما شاهدوا من
المسيح عليه السلام احياء الموتى، و ابراء الأكمه و الأبرص، أخرجوه بسبب هذا القدر
من القدرة، عن عبودية الله تعالى. فقال تعالى:
«لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ» أى أن عيسى لن يستنكف بهذا القدر من القدرة عن عبوديتى، و لا
الملائكة
نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 182