نام کتاب : شرح الاشارات و التنبيهات للمحقق الطوسى نویسنده : الطوسي، الخواجة نصير الدين جلد : 3 صفحه : 390
بالقياس
إلى مبدئها الواحد- فإن علمه الذاتي هو بعينه قدرته الذاتية- و هي بعينها إرادته- و
كذلك سائرها و إذ لا وجود ذاتيا لغيره- فلا صفات مغايرة للذات و لا ذات موضوعة للصفات-
بل الكل شيء واحد- كما قال عز من قائل إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ فهو لا شيء
غيره- و هذا معنى قوله منته إلى الواحد- و هناك لا يبقى واصف و لا موصوف- و لا سالك
و لا مسلوك و لا عارف و لا معروف- و هو مقام الوقوف
(20)
إشارة [في بيان أن العارف من آثر الحق على عرفانه]
من
آثر العرفان للعرفان فقد قال بالثاني- و من وجد العرفان كأنه لا يجده- بل يجد المعروف
به فقد خاض لجة الوصول- و هناك درجات ليست أقل من درجات ما قبله- آثرنا فيها الاختصار-
فإنها لا يفهمها الحديث و لا تشرحها العبارة- و لا يكشف المقال عنها غير الخيال- و
من أحب أن يتعرفها- فليتدرج إلى أن يصير من أهل المشاهدة دون المشافهة- و من الواصلين
إلى العين دون السامعين للأثر العرفان حالة للعارف بالقياس إلى المعروف- فهي لا محالة
غير المعروف- فمن كان غرضه من العرفان نفس العرفان- فهو ليس من الموحدين- لأنه يريد
مع الحق شيئا غيره- و هذه حال المتبجح بزينة ذاته و إن كان بالحق- أما من عرف الحق
و غاب عن ذاته- فهو غائب لا محالة عن العرفان الذي هو حالة لذاته- فهو قد وجد العرفان
كأنه لا يجده- بل يجد المعروف فقط- و هو الخائض لجة الوصول أي معظمه- و هناك درجات
هي درجات التحلية بالأمور الوجودية- التي هي النعوت الإلهية- و هي ليست بأقل من درجات
ما قبله- أعني درجات التزكية من الأمور الخلقية- التي تعود إلى الأوصاف العدمية- و
ذلك لأن الإلهيات محيطة غير متناهية و الخلقيات محاط بها متناهية- و إلى هذا أشير في
قوله عز من قائل- قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي- لَنَفِدَ الْبَحْرُ
قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي الآية- فالارتقاء في تلك الدرجات سلوك إلى الله-
و في هذه سلوك في الله- و ينتهي السلوكان بالفناء في التوحيد- و اعلم أن العبارة عن
هذه الدرجات غير ممكنة- لأن العبارات موضوعة للمعاني- التي يتصورها أهل اللغات- ثم
يحفظونها ثم يتذكرونها- ثم يتفاهمونها تعليما و تعلما- أما التي لا يصل إليها إلا غائب
عن ذاته- فضلا عن قوى بدنه- فليس يمكن أن يوضع لها ألفاظ- فضلا
نام کتاب : شرح الاشارات و التنبيهات للمحقق الطوسى نویسنده : الطوسي، الخواجة نصير الدين جلد : 3 صفحه : 390