نام کتاب : شرح الاشارات و التنبيهات للمحقق الطوسى نویسنده : الطوسي، الخواجة نصير الدين جلد : 3 صفحه : 389
قد
جمع الشيخ جميع مقامات العارفين في هذا الفصل- و أقول في تقريره أنه مشهور بين أهل
الذوق- أن تكميل الناقصين يكون بشيئين تخلية و تحلية- كما أن مداواة المرضى يكون بشيئين
تنقية و تقوية- الأول سلبي و الثاني إيجابي- و ربما يعبر عن التخلية بالتزكية- و لكل
واحد منهما درجات- أما درجات التزكية فهي التي مر ذكرها- و قد رتبها الشيخ في هذا الفصل
في أربع مراتب- تفريق و نقض و ترك و رفض- فالتفريق مبالغة الفرق و هو فصل بين شيئين-
لا ترجيح لأحدهما على الآخر- و منه فرق الشعر- و النقض تحريك شيء لينفصل عنه أشياء-
مستحقرة بالقياس إليه كالغبار عن الثوب- و الترك تخلية و انقطاع عن شيء- و الرفض ترك
مع إهمال و عدم مبالاة- فالعرفان مبتدئ من تفريق بين ذات العارف- و بين جميع ما يشغله
عن الحق بأعيانها- ثم نقض لآثار تلك الشواغل كالميل و الالتفات إليها عن ذاته- تكميلا
لها بالتجرد عما سوى الحق و الاتصال به- ثم ترك لتوخي الكمال لأجل ذاته- ثم رفض لذاته
بالكلية- فهذه درجات التزكية- و أما التحلية- و هي التي سيورد الشيخ ذكر درجاتها- في
الفصل الذي يتلو هذا الفصل- فبيان درجاتها بالإجمال أن العارف إذا انقطع عن نفسه- و
اتصل بالحق رأى كل قدرة مستغرقة في قدرته- المتعلقة بجميع المقدورات- و كل علم مستغرقا
في علمه- الذي لا يعزب عنه شيء من الموجودات- و كل إرادة مستغرقة في إرادته- التي
يمتنع أن يتأبى عليها شيء من الممكنات- بل كل وجود و كل كمال وجود فهو صادر عنه- فائض
من لدنه- صار الحق حينئذ بصره الذي به يبصر- و سمعه الذي به يسمع و قدرته التي بها
يفعل- و علمه الذي به يعلم و وجوده الذي به يوجد- (121) فصار العارف حينئذ متخلقا بأخلاق
الله تعالى بالحقيقة- و هذا معنى قوله العرفان ممعن في جمع صفات- هو جمع صفات الحق
للذات المويدة بالصدق- ثم إنه بعد ذلك يعاين كون هذه الصفات- و ما يجري مجراها- متكثرة
بالقياس إلى الكثرة- متحدة
نام کتاب : شرح الاشارات و التنبيهات للمحقق الطوسى نویسنده : الطوسي، الخواجة نصير الدين جلد : 3 صفحه : 389