نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 4 صفحه : 339
و
أما أصحابنا: فقد اختلفوا فى صورة المصلوب، و كذا كل ما نشاهده من الميت بعد موته،
و هو على هيئته مددا متطاولة.
فمنهم
من قال: ترد الحياة إلى بعض أجزاء البدن، و اختصاصها بذلك و المساءلة، و العذاب، و
إن لم يكن ذلك مشاهدا لنا.
و
أما القاضى أبو بكر [1]: فقد قال: لا يبعد أن ترد الحياة إلى المصلوب و إن كنا نحن
لا نشعر بها: كما فى صاحب السكتة، و يسأل، و يعذب، و يكون ذلك خفيا عنا مستورا منا،
و لا بعد فيه، كما لا بعد فى رؤية النبي- صلى الله عليه و سلم- جبريل؛ و هو بين أظهر
أصحابه، مع ستره عنهم.
و
أما الصورة الأخرى: فجوابها: بمنع اشتراط البنية المخصوصة فى الحياة، و عند ذلك: فلا
مانع أن يرد الله- تعالى- الحياة إلى كل جزء من البدن، أو إلى أجزاء مخصوصة منه كما
سبق و يسأل، و يعذب، و إن كان ذلك مستورا عنا، و غايته أنه من الخوارق للعادة و هى
غير ممتنعة فى مقدور الله- تعالى- كما سبق تحقيقه.
و
أما قوله- تعالى-: يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا [2]؟ فهو دليل على
حياتهم؛ لأن المفهوم من المرقد: هو موضع الاضطجاع للرقاد، و الرقاد من صفات الأحياء.
فإثبات
المرقد لهم يدلّ على كونهم أحياء فى قبورهم، و ليس فيه ما يدل على عدم العذاب؛ لجواز
أن يكونوا فى مراقدهم معذبين.
و
لهذا فإنه يصح أن يقول المريض المدنف [3] الّذي استولت عليه الآلام: تعذبت فى مرقدى،
و أنا على غاية الألم و القلق؛ فدل أن المرقد يكون مع الراحة تارة، و مع مقابلها أخرى.
و يحتمل أن يقال: بأن ما يلقونه من عذاب القبر بالنسبة إلى ما يلقونه من عذاب يوم القيامة
يكون كالروح و الراحة [4]، حالة كون الانسان راقدا فى مرقده، فلذلك قالوا: يا ويلنا
من بعثنا من مرقدنا: أى ما كنا فيه من الروح و الراحة بالنسبة إلى هذا العذاب.
[1]
انظر شرح المواقف- الموقف السادس ص 228 فقد وضح قول القاضى أبو بكر. [2]
سورة يس 36/ 52. [3]
المدنف: الدنف بفتحتين: المرض الملازم. و قد دنف المريض من باب طرب: أى ثقل ... و أدنفه
المرض يتعدى و لا يلزم فهد مدنف و مدنف. (مختار الصحاح للرازى). [4]
الروح: الاستراحة و كذا الراحة- مختار الصحاح للرازى.
نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 4 صفحه : 339