الى
أن الكلمة: انقلبت لحما، و دما؛ فصار الإله هو المسيح. و هم الذين أخبر الله عنهم بقوله-
تعالى-: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ
[2]
و
منهم من قال: ظهر اللاهوت بالناسوت، بحيث صار هو، هو، كما يقال: ظهر الملك بصورة إنسان،
و قد قال الله- تعالى-: فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا [3].
و
منهم من قال: إن جوهر الإله القديم، و جوهر الإنسان المحدث تركبا كتركب النفس الناطقة
مع البدن، فصارا جوهرا واحدا و هو المسيح؛ فهو إله كله، و إنسان كله و صار الإله إنسانا،
و إن لم يصر الإنسان إلها. كما يقال فى الفحمة إذا طرحت فى النار، صارت الفحمة نارا،
و لا يقال صارت النار فحمة، و لا يكون فى الحقيقة لا نارا مطلقة، و لا فحمة مطلقة؛
بل جمرة.
و
قالوا: إن اتحاد اللاهوت بالإنسان الجزئى، دون الكلى، و أن مريم ولدت إلها، و أن القتل،
و الصلب، وقع على اللاهوت و الناسوت معا؛ و إلا فلو وقع على أحدهما؛ لبطل معنى الاتحاد.
و
منهم من قال: المسيح مع اتحاد جوهره قديم، من وجه، محدث من وجه.
و
من اليعقوبية من قال: إن الكلمة لم تأخذ من مريم شيئا، و إنما مرت بها كمرور الماء
فى الميزاب.
و
منهم من زعم أن الكلمة: كانت تداخل جسد المسيح؛ فتصدر عنه الآيات التى كانت تظهر عنه،
و تفارقه تارة؛ فتحله الآفات، و الآلام، و الأوجاع.
و
من النصارى من زعم: أن معنى: اتحاد اللاهوت بالناسوت؛ ظهور اللاهوت على الناسوت، و
إن لم ينتقل من اللاهوت إلى الناسوت شيء، و لا حل فيه، و ذلك: كظهور نقش الطابع على
الشمع المتصل به، أو ظهور الصورة المرئية فى المرآة الصقيلة.
[1]
اليعقوبية: و قد اختلف فى صاحب المذهب: هل هو يعقوب البرذعانى، أم ساويرس بطريرك انطاكية،
أو أوطاخس؟ و الّذي ذهب إليه الشهرستانى أنهم أصحاب يعقوب: و قد نقل الشهرستانى موجزا
لهذا المذهب فى كتابه الملل و النحل يدل على فهم كامل له. بين فيه ما اتفقوا عليه و
ما اختلفوا فيه كما أورده الآمدي هنا.
(المغنى
5/ 81، 83 و الملل و النحل 2/ 30 و نشأة الفكر الفلسفى 1/ 101- 102). [2]
سورة المائدة 5/ 72. [3]
سورة مريم 19/ 17.
نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 2 صفحه : 59