والوجه في ذلك أنّ الموثقة والمرسلة المتقدّمتين إنّما دلّتا على أنّ
المرأة غير المستحاضة أي غير من تجاوز دمها العشرة إذا رأت الدم شهرين
متساويين عدّة أيّام سواء فتلك أيّامها، فلو استحيضت أي رأت الدم زائداً
على العشرة بعد ذلك تأخذ عادتها حيضاً والباقي استحاضة، وأمّا المرأة الّتي
رأت الدم زائداً على العشرة من الابتداء فهي خارجة عن مدلولهما.
ففي المرسلة عبّر بكلمة«ثمّ» في قوله«فالحائض الّتي لها أيّام معلومة قد أحصتها بلا اختلاط عليها ثمّ استحاضت فاستمرّ بها الدم...»{1}و
في الموثقة سأل«عن الجارية البكر أوّل ما تحيض فتقعد في الشهر يومين وفي
الشهر ثلاثة أيّام يختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدّة أيّام سواء،
قال: فلها أن تجلس وتدع الصّلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة، فإذا
اتّفق الشهران عدّة أيّام سواء فتلك أيّامها»{2}.
حيث إنّها دلّت على ثبوت العادة برؤية الدم مرّتين متساويتين في البكر
الّتي ترى الدم في أوّل ما تراه في الشهرين أقل من عشرة أيّام كثلاثة أو
أربعة، فالّتي ترى الدم في أوّل ما تراه زائداً على العشرة خارجة عن مدلول
الموثقة، وإطلاقات وجوب الرّجوع إلى الصفات محكمة في حقّها.
و على الجملة إنّ مقتضى الإطلاقات والموثقة والمرسلة عدم كفاية العادة
الحاصلة بالتمييز في تحقّق العادة، لعدم الدليل على كفاية الصفات في ذلك،
فعدم قيام هذه الأمارات مقام القطع الطريقي مستند إلى قصور الدليل في خصوص
المقام لا أنّ الأمارة لا تقوم مقام القطع الطريقي.