الاطمئنان
بصدورها عن المعصوم (عليه السلام) وأ نّه يحصل بعمل المشهور بها وإن كانت
رواتها غير موثوق بهم، وأنّ إعراضهم عنها يوجب الاطمئنان بعدم صدورها وإن
كانت رواتها موثوقاً بهم، فتقلّ الحاجة إلى علم الرجال، إذ بناءً عليه يكون
الملاك في جواز العمل بالرواية وعدمه هو عمل المشهور بها وعدمه، فانّ عمل
الأصحاب بالرواية وعدمه يظهر من نفس كتب الفقه بلا حاجة إلى علم الرجال.
نعم، في الموارد التي لم يحرز عمل المشهور بالرواية ولا إعراضهم عنها، كما
إذا كانت المسألة غير معنونة في كلامهم، لا بدّ في العمل بها من معرفة رواة
الحديث ليحصل الاطمئنان بوثاقتهم.
وأمّا إن قلنا بأنّ الملاك في جواز العمل بالرواية إنّما هو ثبوت وثاقة
رواتها، وأ نّه لا عبرة بعمل المشهور بها أو إعراضهم عنها، فحينئذ تكثر
الحاجة إلى علم الرجال واستعلام حال الرواة من حيث الوثاقة وعدمها، وقد
بيّنا صحة القول الثاني عند التكلم في حجية أخبار الآحاد.
وأمّا علم الاُصول فتوقف الاستنباط عليه أوضح من أن يخفى، ضرورة أ نّه لا
بدّ في استنباط الأحكام من الكتاب والسنّة من معرفة المباحث الاُصولية: من
بحث الأوامر والنواهي والعموم والخصوص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين،
ومباحث الحجج والاُصول العقلية والشرعية والتعادل والترجيح، وقد أوضحنا ذلك
كله عند التعرض لتعريف علم الاُصول، ولا بدّ من تنقيح كل ذلك بالنظر
والاجتهاد لا بالتقليد، وإلّا لا يصدق عليه عنوان العارف والفقيه .