والذي يستفاد من مجموع الروايات الواردة في القرعة ومواردها أ نّها جعلت في
كل مورد لا يعلم حكمه الواقعي ولا الظاهري، وهذا المعنى هو المراد من لفظ
المشكل في قولهم: «إنّ القرعة لكل أمر مشكل» وإن لم نعثر على رواية بهذا
اللفظ، وهو المراد أيضاً من لفظ المشكل المذكور في متون الكتب الفقهية،
فانّ المراد من قولهم: هو مشكل أو فيه إشكال، عدم العلم بالحكم الواقعي،
وعدم الاطمئنان بالحكم الظاهري لجهة من الجهات، لا عدم العلم والاطمئنان
بالحكم الواقعي فقط، إذ الاشكال بهذا المعنى موجود في جميع الأحكام الفقهية
سوى القطعيات. وبالجملة: مورد القرعة نظراً إلى مورد الروايات
الواردة فيها هو اشتباه الحكم الواقعي والظاهري، فالمراد من المجهول في
قوله (عليه السلام) في رواية: «كل مجهول ففيه القرعة»{1} هو المجهول المطلق، أي المجهول من حيث الحكم الواقعي والظاهري. وظهر بما ذكرناه أ نّه يقدم الاستصحاب على القرعة
تقدم الوارد على المورود، إذ بالاستصحاب يحرز الحكم الظاهري، فلا يبقى
للقرعة موضوع بعد كون موضوعه الجهل بالحكم الواقعي والظاهري على ما ذكرناه،
بل يقدّم على القرعة أدنى أصل من الاُصول كأصالة الطهارة وأصالة الحل
وغيرهما مما ليس له نظر إلى الواقع، بل يعيّن الوظيفة الفعلية في ظرف الشك
في الواقع، إذ بعد تعيين الوظيفة الظاهرية تنتفي القرعة بانتفاء موضوعه .
{1} الوسائل 27: 259 - 260 / أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 13 ح 11