قبل الوصول إلى محل البحث لا بأس بالاشارة إلى عدة نقاط: الاُولى: أنّ العام معناه الشمول لغةً وعرفاً،
وأمّا اصطلاحاً فالظاهر أ نّه مستعمل في معناه اللغوي والعرفي، ومن هنا
فسّروه بما دلّ على شمول الحكم لجميع أفراد مدخوله. الثانية: ما هو الفرق بين العام والمطلق الشمولي كقوله تعالى: { «وَأَحَلَّ اللََّهُ ا لْبَيْعَ »{1} } و { «تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ »{2} } وما
شاكلهما، حيث إنّه يدل على شمول الحكم لجميع أفراد مدخوله ؟ أقول: الفرق
بينهما هو أنّ دلالة العام على العموم والشمول بالوضع ودلالة المطلق على
ذلك بالاطلاق ومقدمات الحكمة، وتترتب على هذه النقطة من الفرق ثمرات تأتي
في ضمن البحوث الآتية. الثالثة: أنّ العموم ينقسم إلى استغراقي ومجموعي
وبدلي، فالحكم في الأوّل وإن كان واحداً في مقام الانشاء والابراز إلّاأ
نّه في مقام الثبوت والواقع متعدد بعدد أفراد العام، ففي مثل قولنا: أكرم
كل عالم، وإن كان الحكم في مقام الانشاء واحداً إلّاأ نّه بحسب الواقع ينحل
بانحلال أفراد موضوعه، فيكون في قوة قولنا: أكرم زيداً العالم وأكرم بكراً
العالم وهكذا، فيثبت لكل فردٍ حكم مستقل غير مربوط بالحكم الثابت لآخر .