وليست كالمنافع التي لم يستوفها .
وبالجملة: أنّ الاستيفاء للمنافع ليس من أحد المضمّنات للبائع فلا تغفل ،
بل ولا يجري في تغريم المشتري بازاء ما استوفاه من المنافع قاعدة لا ضرر
بوجه ، إذ لا ضرر عليه حينئذ حيث إنه استفاد ما يسوى بخمسة قرانات واغترم
خمسة قرانات فلا ضرر على المشتري ، ومن أجل ذلك استشكل في الرياض{1} في جريان القاعدة في المقام ، وهو كما أفاده في بعض الموارد لا مطلقاً كما لا يخفى .
فالمتحصّل: أنّ قاعدة الغرور ممّا لا أساس له ، وأنّ المشتري لا يرجع على
البائع في شيء من الغرامات التي اغترمها للمالك في المنافع المستوفاة وغير
المستوفاة ، نعم لا بأس بالتفصيل المتقدّم وأنّ المشتري يرجع على البائع
فيما يضمنه البائع من العين والمنافع دون ما لا يضمنه ، وأنّ البائع لا حقّ
له أن يرجع على المشتري فيما يضمنه ، لأنه قد سلّط المشتري على المال
والمنافع ومعه لا يكون المشتري ضامناً لما أتلفه بتسليط البائع إيّاه عليه
وإن صار البائع مالكاً للتالف بدفع ما في ذمّته من الضمان .
بل الحال كذلك فيما إذا كان المتلف مالكاً للمال واقعاً ، وهذا كما إذا سرق
المعطي شيئاً من أموال أحد ثمّ قدّمه له ليأكله فأكله المسلّط عليه جاهلاً
بالحال ثمّ انكشف أنه أكل مال نفسه ، فإنّ المعطي ضامن له ، والمتلف
المغرور وإن كان مالكاً للمال إلّاأنه لمّا كان جاهلاً بالحال حدوثاً أو
بقاءً كما فيما نحن فيه فإنّ البائع الفضولي قدّم مال الغير للمشتري الجاهل
فتلفت منافعه تحت يده وغرم قيمتها للمالك فتكون المنافع ملكاً للمشتري
بقاءً وبما أنّ البائع هو الذي سلّطه على ماله يكون ضامناً لقيمتها كما لو
كانت المنافع ملكاً للمشتري من أوّل الأمر .