ولكن قد
يدعى أنّ الكشف يكون على القاعدة، إذ فرق بين اشتراط صحة العقد بالرضا
المتأخّر وبين اشتراطها بغيره كالقبض في الصرف والهبة، لأنّ الرضا والاجازة
إنّما يتعلّق بالعقد السابق، فإذا قام دليل على اعتباره لابدّ من ترتيب
الأثر من حين العقد، نظير ما إذا باع أحد داره فعلاً قبل عشرة أيّام، وقام
دليل على اعتباره ولو كان العمومات لو لم يكن منصرفاً عن مثل ذلك لكونه
خلاف المتعارف، فانّ لازمه الكشف وترتيب آثار الملكية السابقة، والاجازة
أيضاً كذلك .
ثمّ أورد عليه المصنّف بما حاصله: أنّ الاجازة لم تتعلّق بالملكية من حين
العقد، وإنّما تعلّقت بطبيعي الملكية، ومقتضى ظاهر الأدلّة التي تعتبر
اشتراط نفس الاجازة في صحة العقد وترتّب الأثر عليه لا وصف التعقّب، عدم
ترتّب الأثر إلّا بعد حصول الشرط، وهو لا ينافي تعلّق الاجازة بالعقد
السابق .
ثمّ أجاب بما حاصله: أنّه إنّما يتم لو قلنا بالكشف الحقيقي، وأمّا الكشف
الحكمي أعني حكم الشارع بعد حصول الاجازة والرضا بالملكية السابقة من زمان
البيع، فلا ينافي شرطية نفس الاجازة والرضا .
ثمّ أشكل عليه بأنّ الملكية عين حكم الشارع، فلا يمكن تخلّفهما{1}.
وفيه: ما نبيّنه في بحث الفضولي من أنّ الجعل غير المجعول، فالجعل - وهو
الحكم - عبارة عن نفس الاعتبار، والملكية تكون متعلّقة للحكم وهو المجعول،
فكما يمكن أن يكون الاعتبار فعليّاً ومتعلّقه أمراً لاحقاً - كما في الوصية
- يمكن أن يكون الاعتبار فعليّاً ومتعلّقه أمراً سابقاً، وهذا نظير أن
ينشىء أحد فعلاً ملكية داره لزيد من قبل سنة - بأن يكون الانشاء فعليّاً
والمنشأ أمراً متقدّماً - فإذا فرضنا قيام الدليل