الثانية: من اشتغل بالعبادة في مكة تمام ليلته أو تمام الباقي من ليلته إذا خرج من منى بعد دخول الليل(1).
_______________________________
والحرج، لارتفاع الأحكام والتكاليف الشرعية في موارد الضرر والحرج. (1)و
تدل عليه عدّة من النصوص المعتبرة: منها: صحيحة معاوية بن عمار«عن رجل زار
البيت فلم يزل في طوافه ودعائه والسعي والدعاء حتى طلع الفجر، فقال: ليس
عليه شيء كان في طاعة اللََّه عزّ وجلّ»{1}و
المستفاد منها الاشتغال بالعبادة ولو بغير الطّواف والسعي، فلا خصوصية
لهما، لأن الظاهر من التعليل كون الشخص مشغولاً بالعبادة وبطاعة اللََّه
تعالى، فلا يفرق بين كونه مشغولاً بالطواف أو بالصلاة أو بقراءة القرآن
ونحو ذلك، ففي الحقيقة يجوز تبديل عبادة إلى أُخرى، ولو كان الأمر مختصاً
بالطواف والسعي فلا وجه للتعليل.
ثم إنه لا يلزم في الاشتغال بالعبادة أن يكون مشغولاً بالعبادة من أول
الليل إلى آخره، بل يجوز له الخروج من منى بعد العشاء ويشتغل بالعبادة بقية
الليل، وإن مضى شطر من الليل وهو في منى، ويدلُّ على ذلك صحيحة معاوية بن
عمار لقوله: «فان خرجت أوّل الليل فلا ينتصف الليل إلّا وأنت في منى إلّا
أن يكون شغلك نسكك»{2}فإنه يظهر
من هذا بوضوح أنه يجوز له الخروج في الليل قبل النصف، وأنه لو خرج قبل
النصف واشتغل بقية الليل بالعبادة، فليس عليه شيء، وإنما الممنوع أن يخرج
ولا يرجع قبل النصف ولا يشتغل بالعبادة، وأمّا إذا خرج في الليل ورجع قبل
النصف أو لم يرجع ولكن اشتغل بالعبادة فليس عليه شيء، وأيضاً يستفاد هذا
المعنى من صحيحة أُخرى لمعاوية بن عمار«و سألته عن الرجل زار عشاء فلم يزل
في طوافه ودعائه وفي السعي بين الصفا والمروة حتى يطلع الفجر؟ قال: ليس
عليه شيء كان في