و إن لم
يتمكّن من الوقوف الاضطراري أيضاً فحينئذ يسقط عنه الوقوفان الاختياري
والاضطراري من عرفة ويتعين عليه الوقوف في المشعر ويصح حجّه«فان اللََّه
تعالى أعذر لعبده، فقد تم حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس» كما
في صحيح الحلبي{1}.
و الحكم بالصحة في هذا الفرض هو القدر المتيقن من الإدراك، فإذا ترك ذلك عمداً بطل حجّه.
و قد يكون العذر جهله بالموضوع كما إذا تخيل أن يوم عرفة غير هذا اليوم أو
جهله بالحكم صح حجّه أيضاً كالصورة السابقة، وتشمله الروايات الواردة في
المقام وعمدتها صحيحتا معاوية بن عمار{2}و مضمونهما أنه إذا أدرك الناس بالمشعر فقد تم حجّه.
و قد ذكرنا في كتاب الصلاة أن الإدراك إنما يتحقق فيما إذا فاته الواجب من دون اختيار ولا يشمل الفوت الاختياري العمدي{3}.
و لو ترك الوقوف بعرفة نسياناً للحكم أو للموضوع فهل يشمله هذا الحكم من
الاكتفاء بالموقف الاضطراري إذا فاته الموقف الاختياري عن عذر أم لا؟ وأن
الروايات هل تشمل النسيان أم لا؟ ذهب المشهور إلى شمول الروايات للناسي،
وخالف صاحب الحدائق وقال: إن الروايات خالية عن ذكر الناسي، وأمّا
قوله(عليه السلام): «إن اللََّه أعذر لعبده» فلا يشمل النسيان فإنه من
الشيطان وما كان من الشيطان لا يجري فيه العذر. وأمّا في مورد الجهل فإنما
نقول بهذا الحكم للنص وهو غير شامل للنسيان، ولا بأس بتغاير حكم الجاهل
والناسي كما في باب الصلاة بالنسبة إلى نسيان النجاسة والجهل، بها