و لا يفرق في ذلك بين أن يكون الباذل واحداً أو متعدداً(1)
_______________________________
الصدوق في كتاب التوحيد، قال: «سألت أبا عبد اللََّه(عليه السلام)عن قول اللََّه عزّ وجلّ { ...وَ لِلََّهِ عَلَى اَلنََّاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطََاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً... } قال: يكون له ما يحجّ به، قلت: فمن عرض عليه الحجّ فاستحيى، قال: هو ممّن يستطيع»{1}.
و منها: صحيحة معاوية بن عمار في حديث قال: «فإن كان دعاه قوم أن يحجّوه
فاستحيى فلم يفعل، فإنّه لا يسعه إلّا أن يخرج ولو على حمار أجدع أبتر»{2}.
و ربما يناقش في الاستدلال بالنصوص، لدلالتها على وجوب الحجّ ولو مع العسر والحرج وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به.
و الجواب عن ذلك أنّ الظاهر منها خصوصاً من صحيحة معاوية بن عمار وجوب
الحجّ عليه مع المشقّة والتسكع في مورد استقرار الحجّ بالبذل ورفضه بعد
البذل، فالأمر بتحمّل المشقّة والحجّ متسكعاً في هذه النصوص بعد فرض
استطاعته بالبذل، فإنّ المستفاد من النصوص أنّ مورد الأسئلة رفض الحجّ بعد
البذل، فحينئذ يستقر الحجّ في ذمّته ولا بدّ من الخروج عن عهدته ولو
متسكعاً حتّى على حمار أجدع أبتر، فيعلم من ذلك أنّ البذل كالملك يحقق
الاستطاعة فلا تختص الاستطاعة بالملك.
بل يمكن استفادة كفاية الاستطاعة البذليّة من نفس الآية الشريفة، لدلالتها
على وجوب الحجّ بمطلق الاستطاعة وهي تتحقق بالبذل وعرض الحجّ أيضاً. نعم
الرّوايات الخاصّة فسّرت الاستطاعة بقدرة خاصّة وهي التمكّن من الزاد
والرّاحلة وتخلية السرب وصحّة البدن، وهذه الأُمور كما تحصل بالملك تحصل
بالبذل أيضاً. (1)لإطلاق النصوص.