القول
ممنوع ولو في غير مورد المخاصمة، وقد وقع التصريح في صحيح معاوية بن عمار
بأنّ الجدال قول الرجل لا واللََّه وبلى واللََّه، وأمّا قول الرجل لا
لعمري وبلى لعمري فلا بأس به{1}فمقتضى
الإطلاق عدم اختصاص الجدال بالمخاصمة، فلو سأله أحد هل فعلت كذا؟ فقال: لا
واللََّه، يكون داخلاً في الجدال، وكذا لو قال له: أنت كذا، فقال: بلى
واللََّه، فدعوى اختصاص الحكم بمورد المخاصمة بلا موجب، فلا مانع من
الالتزام بأنّ الجدال حقيقة شرعية للمعنى المعهود المذكور في الروايات، أو
أنّه استعمال شرعي فيه. فلا ضير فيما ذكرناه كون معناه اللغوي في الأصل
مطلق النزاع والتخاصم{2}.
و ممّا يؤكد ما قلناه ما ورد في صحيح معاوية بن عمار«و اعلم أنّ الرجل إذا
حلف بثلاثة أيمان ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل فعليه دم يهريقه
ويتصدق به، وإذا حلف يميناً واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدّق
به»{3}و كذا ما ورد في موثقة أبي
بصير«إذا حلف الرجل ثلاثة أيمان وهو صادق وهو محرم فعليه دم يهريقه وإذا
حلف يميناً واحدة كاذباً فقد جادل فعليه دم يهريقه»{4}فانّ
المستفاد منهما أن موضوع الحكم نفس الحلف لا الحلف الواقع في المخاصمة،
وكذا يستفاد ذلك من معتبرة أُخرى لأبي بصير قال: «سألته عن المحرم يريد أن
يعمل العمل فيقول له صاحبه: واللََّه لا تعمله، فيقول: واللََّه لأعملنّه،
فيحالفه مراراً، يلزمه ما يلزم الجدال؟ قال: لا، إنّما أراد بهذا إكرام
أخيه، إنّما كان ذلك ما كان للََّه عزّ وجلّ فيه معصية»{5}لأنّه
لو كان موضوع الحكم هو المخاصمة لكان الأنسب واللّائق الجواب بأنّه لا
محذور في هذا الحلف أصلاً، لعدم الموضوع للجدال، ولعدم وقوع هذا الحلف في
مورد
{1}الوسائل 12: 465/ أبواب تروك الإحرام ب 32 ح 3، 5 وأورده أيضاً في الوسائل 13: 146/ أبواب بقية كفارات الإحرام ب 22 ح 3.