موضعين و
فرض شخص يريد الذهاب من أحدهما إلى الآخر، فإذا ذهب من هذا المكان و توجه
إلى مكان آخر فالمكان الأوّل يكون خلفاً له، و لو انعكس فبالعكس فمن دخل
الجحفة و ذهب منها إلى مكّة تكون الجحفة خلفه، و كذا يصدق عنوان الخلف على
من كان منزله بين مكّة و الجحفة مثلاً، و أمّا من كان منزله في مكّة فلا
يصدق عليه عنوان خلف الجحفة، فإنّ كلّاً منهما خلف الآخر باعتبار الذهاب و
التوجه، فإن توجه من مكّة إلى الجحفة فمكّة خلفه و إن توجه من الجحفة إلى
مكّة فالجحفة خلفه.
و بالجملة: أن عنوان الخلف باعتبار الشخص المتوجه الذاهب من بلد إلى بلد آخر فالبلاد من حيث هي لا خلفية فيها حقيقة.
فلا دليل على أن بلدة مكّة المكرّمة ميقات لأهل مكّة، و ما ورد في النصوص من«دويرة أهله و منزله»{1}مختص
بغير أهل مكّة ممن هو قريب إليها فلا بدّ من التماس دليل آخر لمكان
الإحرام لأهل مكّة، و قد ورد في روايتين معتبرتين أن إحرامهم من الجعرانة: الأُولى: صحيحة أبي الفضل، و عبّر عنها صاحب الحدائق بصحيح أبي الفضل سالم الحناط{2}مع أن الموجود في الكافي{3}أبو
الفضل فقط من دون ذكر سالم الحناط و لم يكن من دأب صاحب الحدائق إضافة
شيء في سند الروايات، بل إنه(رحمه اللََّه)ملتزم بذكر ما في الكتب الأربعة
على ما هي عليه من دون زيادة شيء أو نقيصته.
و كيف كان، لا ريب في صحّة السند، و المراد بأبي الفضل هو سالم الحناط
لقرائن منها رواية صفوان عنه كثيراً، و منها رواية أبي الفضل عن
الصادق(عليه السلام)«قال: كنت مجاوراً بمكّة فسألت أبا عبد اللََّه(عليه
السلام)من أين أُحرِم بالحج؟ فقال: من حيث أحرم رسول اللََّه(صلّى اللََّه
عليه و آله)من الجعرانة أتاه في ذلك المكان فتوح