نعم، ورد في رواية واحدة ضعيفة أن رسول اللََّه(صلّى اللََّه عليه و آله)أحرم من مسجد الشجرة{1}،
و لكنها غير دالّة على أنه(صلّى اللََّه عليه و آله و سلم)عيّنه ميقاتاً و
إنما تحكي فعل رسول اللََّه(صلّى اللََّه عليه و آله)و أنه أحرم من نفس
المسجد و لا ريب في جواز ذلك، فلا تدل هذه الرواية على قصر الميقات بالمسجد
خاصّة، فالروايات الدالّة على أن الميقات ذو الحليفة باقية على إطلاقها و
سالمة من التقييد.
و لإثبات ما نقول لا بدّ لنا من استعراض الأخبار و هي: صحيح معاوية بن عمّار، و جاء فيه«و وقت لأهل المدينة ذا الحليفة»{2}، و في صحيح الحلبي جعل الميقات الشجرة«من أين يحرم الرّجل إذا جاوز الشجرة؟»{3}، و في صحيح ابن سنان«فيكون حذاء الشجرة»{4}، و في صحيح إبراهيم بن عبد الحميد«يعني الإحرام من الشجرة»{5}. و الملاحظ من هذه الأخبار أن المذكور فيها ذو الحليفة و الشجرة و من ذلك يظهر أنهما اسمان لمكان واحد.
أمّا التعبير بمسجد الشجرة فلم يرد إلّا في رواية واحدة دلّت على أنه(صلّى
اللََّه عليه و آله و سلم)أحرم من مسجد الشجرة، و هو لا يدل على تعيينه
ميقاتاً كما بيّنا مضافاً إلى ضعف سندها بالإرسال، إلّا أنه مع ذلك كلّه لا
بدّ من الإحرام من مسجد الشجرة و اعتباره ميقاتاً لروايتين: الأُولى:
صحيحة علي بن رئاب«فقال: (عليه السلام)إنّ رسول اللََّه(صلّى اللََّه عليه و
آله)وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة و هي الشجرة»{6}.