و الرجوع إلى مكّة مع ضيق الوقت و عدم إمكان الإتمام قبل الحج، و عن الحلِّي(قدس سره)بطلان الطواف بحدوث الحيض في هذه الصورة أيضاً{1}، و قيل: إنه تبعه على ذلك بعض المتأخرين.
و استدل للمشهور بما دلّ على أن المرأة إذا حاضت بعد أربعة أشواط فقد تمّت
متعتها، لكنّك قد عرفت أن ما دلّ على ذلك ضعيف السند، و لا أساس للقول
بانجبار ضعف السند بقول المشهور، و عليه فالقول بالبطلان هو الصحيح، فإن
الطواف كما عرفت عمل واحد يعتبر فيه الموالاة و مع الفصل بين الأشواط و لا
سيما إذا كان الفصل بأيّام يحكم بالبطلان لا محالة، و عليه فإن كان الوقت
واسعاً استأنفت الطواف بعد الطّهر و أتمّت عمرتها، و إن كان ضيقاً و لو من
جهة أنها لا تطهر إلى آخر زمان يمكن فيه الخروج إلى الحج فهذا يدخل في
المسألة السابقة، و المختار فيها عندنا هو التخيير على ما عرفت، و لكن
الأحوط في الفرض الأوّل و في هذا الفرض أن تجمع بين الإتمام و التمام كما
مرّ.
هذا كلّه فيما إذا حاضت المرأة في أثناء الطواف، و أمّا إذا حاضت بعد
الطواف و قبل صلاته فلا ينبغي الريب في صحّة طوافها، فإنه لو قيل بأن حدوث
الحيض بعد أربعة أشواط لا يوجب البطلان و يجوز لها الإتيان ببقيّة الأشواط
بعد أعمال الحج فالحكم بالصحّة في المقام أولى، لأنّ كلّاً منهما عمل
مستقل، و إن لم نقل بذلك كما هو المختار عندنا، فمقتضى القاعدة أيضاً
الصحّة، إذ لا موجب لبطلانه بالحيض اللاحق، نعم يتحقق الفصل بين الطواف و
الصلاة و لا بأس به إذا كان غير اختياري لها، كما إذا عجز الطائف من الصلاة
لمانع آخر كالمرض و الكسر و نحوهما، فتأتي بالصلاة بعد ارتفاع الحيض ثمّ
تأتي بأعمال الحج، هذا إذا كان الوقت واسعاً، و إن لم يسع الوقت فتسعى و
تقصر و تصلي بعد رجوعها إلى مكّة، كما هو الحال في قضاء الطواف. و أمّا
احتمال العدول إلى الإفراد فساقط جزماً، لأنّ أدلّة العدول وردت في من لا
يتمكّن من الطواف لا الصلاة.