شهراً يعتمر لكل شهر عمرة»{1}فإن
المراد بذلك اثنا عشر شهراً هلالياً، فإذا قيل بعد ذلك: «لكل شهر عمرة»
معناه أن العمرة تقع في كل شهر هلالي و أن كل شهر هلالي قابل لوقوع العمرة
فيه و ليس معناه اعتبار الفصل بثلاثين يوما. و على ما ذكرنا يجوز الإتيان
بالعمرة في آخر شهر و بعمرة أُخرى في أوّل الشهر الذي يليه و إن كان الفصل
بيوم واحد.
و يؤكد ذلك بأمرين: أحدهما: ما في صحيح حماد
الدال على عدم جواز الخروج من مكّة قبل الإحرام بالحج: «قلت: فإن جهل فخرج
إلى المدينة أو إلى نحوها بغير إحرام ثمّ رجع في أبان الحج في أشهر الحج
يريد الحج فيدخلها محرماً أو بغير إحرام؟ قال: إن رجع في شهره دخل بغير
إحرام، و إن دخل في غير الشهر دخل محرماً»{2}فإنه من الظاهر أن المراد بالشهر فيه هو الشهر الهلالي لا مضي ثلاثين يوماً. ثانيهما: ما في صحيح بريد الوارد في من أفسد عمرته، قال: «و عليه أن يقيم إلى الشهر الآخر فيخرج إلى بعض المواقيت فيحرم بعمرة»{3}فإن المراد بالشهر الآخر هو الذي يحل برؤية الهلال لا مضي ثلاثين يوماً.
و بالجملة: المستفاد من النصوص أن كل شهر له عمرة و أمّا الفصل بمقدار
الشهر أي مضي ثلاثين يوماً فلم يقدر في النصوص، فإذا اعتمر في آخر يوم من
شهر رجب له أن يعتمر في أوّل يوم من شهر شعبان، و أمّا إذا اعتمر في أوّل
يوم من رجب فليس له أن يعتمر في آخر يوم من رجب، نعم لا بأس بالإتيان بها
متكرراً في شهر واحد رجاءً و باحتمال المطلوبيّة الواقعيّة.
ثمّ إنّ المستفاد من النصوص إنّما هو عدم مشروعية إتيان العمرتين لشخص واحد