{ وَ اِعْلَمُوا أَنَّمََا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلََّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ } {1}،
فإنّ الغنيمة بهذه الهيئة وإن أمكن أن يقال بل قيل باختصاصها بغنائم دار
الحرب أمّا لغةً أو اصطلاحاً وإن كان لم يظهر له أيّ وجه إلّا أنّ
كلمة«غَنِمَ» بالصيغة الواردة في الآية المباركة ترادف«رَبِحَ» و«استفادَ»
وما شاكل ذلك، فتعمّ مطلق الفائدة، ولم يتوهّم أحد اختصاصها بدار الحرب.
و لعلّ في التعبير بالشيء الذي فيه من السعة والشمول ما ترى إيعازاً إلى
هذا التعميم، وأنّ الخمس ثابت في مطلق ما صدق عليه الشيء من الربح وإن كان
يسيراً جدّاً كالدرهم غير المناسب لغنائم دار الحرب كما لا يخفى.
و يعضده إطلاق الخطاب في بعض الآيات السابقة، وهي قوله تعالى { وَ اِعْلَمُوا أَنَّمََا أَمْوََالُكُمْ وَ أَوْلاََدُكُمْ فِتْنَةٌ } إلخ{2}، وقوله تعالى { يََا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اَللََّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقََاناً } {3}، فإنّه عامّ لجميع المؤمنين لا لخصوص المقاتلين.
و لا ينافيه ذكر القتال في الآيات السابقة عليها واللاحقة لها، لما هو المعلوم من عدم كون المورد مخصّصاً للحكم الوارد عليه.
و من ثمّ اعترف القرطبي في تفسيره وكذا غيره بشمول لفظ الآية لعموم الفوائد
والأرباح، غير أنّه خصّها بغنائم دار الحرب من أجل الإجماع الذي ادّعى
قيامه على ذلك{4}.