و من الواضح أنّ شيئاً منهما لا ينطبق على محلّ الكلام، ضرورة أنّ الدفع ممّن عليه كفّارة ليشتري به عبداً أو يعتقه لا يعد صرفاً لا في العتق و لا في الانعتاق، و إنّما هو دفع للصرف في الشراء الذي هو مقدّمة للعتق، فهو من صرف الزكاة في الكفّارة لا فِي الرِّقابِ، نظير دفعها للفقير بشرط أن يشتري بها عبداً و يعتقه.
فالمتّجه حينئذٍ هو التفصيل فيمن عليه الكفّارة بين الفقير و غيره، ففي الأوّل يجوز الدفع له من سهم الفقراء فيصرفها حينئذٍ فيما يشاء من عتق أو غيره. و في الثاني لا يجوز لا من هذا السهم لفرض كونه غنيّاً و لا من سهم الرقاب، لعدم كونه مورداً له حسبما عرفت.
و أمّا القول الثالث: أعني: الصرف في مطلق عتق الرقبة كيفما اتّفق من غير قيد و لا شرط، الذي اختاره صاحب المدارك و نسبه إلى المفيد و ابن إدريس و العلّامة و ولده و قوّاه في الحدائق {1} و إن كان له كلام في كيفيّة الصرف، و لا يبعد أن يكون هو الصحيح فيدل عليه أوّلًا إطلاق الكتاب العزيز، و كذلك الروايات الواردة في كون الرقاب من مصارف الزكاة، حيث إن كلّاً منهما مطلق و خالٍ من أيّ تقييد. و قد عرفت أنّ النصوص التي استدلّ بها المشهور للاختصاص بالأصناف الثلاثة مخدوشة سنداً أو دلالةً على سبيل منع الخلوّ و كذا غيرها، فلا تنهض لتقييد إطلاقات الكتاب و السنّة.
و ثانياً: صحيحة أيّوب بن الحرّ، قال: قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام) مملوك يعرف هذا الأمر الذي نحن عليه، أشتريه من الزكاة فأعتقه؟ قال: فقال: «اشتره و أعتقه» إلخ {2}.