و أمّا القول الثاني: فهو المطابق للإطلاقات كما عرفت.
و أمّا القول الثالث: فقد استُدلّ له في الحدائق بطائفة من الأخبار إن تمّت سنداً و دلالةً لم يكن بدّ من تقييد المطلقات بها.
و لتوضيح الحال لا بدّ من استعراض تلكم الأخبار.
فمنها: ما عن تفسير علي بن إبراهيم القمّي نقلًا عن العالم (عليه السلام): «و المؤلّفة قلوبهم قال: هم قوم وحّدوا اللَّه و خلعوا عبادة مَن دون اللَّه و لم تدخل المعرفة قلوبهم أنّ محمّداً رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، و كان رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) يتألّفهم و يعلّمهم و يعرّفهم كيما يعرفوا، فجعل لهم نصيباً في الصدقات لكي يعرفوا و يرغبوا» إلخ {1}.
و هي كما ترى مرفوعة السند فلا يمكن التعويل عليها.
و منها: معتبرة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «قال: الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ قوم وحّدوا اللَّه و خلعوا عبادة مَن دون اللَّه و لم تدخل المعرفة قلوبهم أنّ محمّداً رسول اللَّه، و كان رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) يتألّفهم و يعرّفهم لكيما يعرفوا و يعلّمهم» {2}.
و قد رويت بطريقين أحدهما مرسل، و الآخر معتبر، فإنّه و إن اشتمل على موسى بن بكر و فيه كلام و لكنّه ثقة على الأظهر.
و لكنّها قاصرة الدلالة، إذ مضافاً إلى عدم استفادة الاختصاص بالمسلمين، و لعلّهم أحد موارد التأليف مع جواز وجود فرد آخر، فتأمّل أنّها في الدلالة على الاختصاص بالكفّار أقرب، لأنّ موردها من لم يدخل الإسلام في قلبه،
{1} الوسائل 9: 211/ أبواب المستحقين للزكاة ب 1 ح 7، تفسير القمي 1: 299.