بالكسب أو الإرث و نحوهما، فالغني أمر حادث مسبوق بالعدم دائماً فيستصحب فسماع دعوى الفقر في هذه الصورة مستند إلى الاستصحاب و لا خصوصيّة للدعوى، و لعلّ السيرة العمليّة القائمة على السماع في هذا الفرض مستندة لدى التحليل إلى الاستصحاب المزبور، و إلّا فمن المستبعد جدّاً قيام سيرة تعبّديّة كاشفة عن رأي المعصوم (عليه السلام) كما لا يخفى.
و يتأيّد ما ذكرناه ببعض النصوص، مثل ما ورد فيمن نذر للكعبة أو أهدى إليها من «أنّه يباع و يؤخذ ثمنه و ينادى على الحجر: ألا هل من منقطع نفدت نفقته أو قطع عليه فليأت فلان بن فلان فيعطى الأوّل فالأوّل حتّى ينفد الثمن» {1}.
و ما ورد في خبر العرزمي من أنّه جاء رجل إلى الحسن و الحسين (عليهما السلام) و هما جالسان على الصفا فسألهما فقالا «إنّ الصدقة لا تحلّ إلّا في دَين موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع، ففيك شيء من هذا؟» قال: نعم، فأعطياه {2}.
و ما في مصحّح عامر بن جذاعة: جاء رجل إلى أبي عبد اللَّه (عليه السلام) فقال له: يا أبا عبد اللَّه، قرض إلى ميسرة، فقال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): «إلى غلّة تدرك؟» فقال الرجل: لا و اللَّه «قال: فإلى تجارة تؤوب؟» قال: لا و اللَّه «قال: فإلى عقدة تباع؟» قال: لا و اللَّه، فقال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): «فأنت ممّن جعل اللَّه له في أموالنا حقّا» ثمّ دعا بكيس فيه دراهم {3}.
و إن أمكن الخدش في الأوّل بجواز كونه من مختصّات نذر الكعبة و الهديّة إليها فلا مقتضي للتعدّي عن موردها ليدلّ على سماع دعوى الفقر من كلّ مجهول يدّعيه ليسري الحكم إلى المقام.
{1} الوسائل 13: 247/ أبواب مقدّمات الطواف ب 22 ح 1 و 7.