هذا، و لعلّه يريد بذلك الروايات الناهية عن حبس الزكاة و منعها، و هي نصوص مستفيضة، و لكنّك خبير بأنّها أجنبيّة عن المقام، إذ الحبس و المنع شيء و التأخير إلى آونة اخرى لغرضٍ من الأغراض شيء آخر، و لا يكاد يصدق عليه مانع الزكاة و حابسها بوجه كما لا يخفى.
نعم، ورد المنع عن التأخير في رواية أبي بصير، قال: قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): «إذا أردت أن تعطي زكاتك قبل حلّها بشهر أو شهرين فلا بأس، و ليس لك أن تؤخّرها بعد حلّها» {1}.
و لكنّها ضعيفة السند بعلي بن أبي حمزة البطائني الراوي عن أبي بصير، مضافاً إلى إمكان الجمع العرفي بينهما و بين النصوص المجوّزة بالحمل على الكراهة.
و أمّا النصوص المصرّحة بالجواز فهي كثيرة:
منها: صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام)، قال: قلت له: الرجل تحلّ عليه الزكاة في شهر رمضان، فيؤخّرها إلى المحرّم؟ «قال: لا بأس» قال: قلت: فإنّها لا تحلّ عليه إلّا في المحرّم، فيعجّلها في شهر رمضان؟ «قال: لا بأس» {2}.
و مقتضى الإطلاق في لفظي «محرم» و «رمضان» جواز التأخير حتّى لو كان الحلّ في أوّل يوم من رمضان و الدفع في آخر يوم من محرّم بحيث يكون التأخير حوالي خمسة أشهر.
و منها: صحيحة حمّاد عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) «قال: لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين و تأخيرها شهرين» {3}.