فقيل: إنّهما تدلّان على النهي عن نقل صدقة البدوي إلى الحضري أو العكس، و كذا نقل صدقة الأعراب إلى المهاجرين و عكسه.
و ممّن فهم منهما ذلك صاحب الوسائل بعد حمل النهي على الكراهة، حيث عنون للباب بقوله: باب استحباب تفريق الزكاة في بلد المال و كراهة نقلها مع وجود المستحقّ.
و لكن الظاهر أنّهما أجنبيّتان عمّا نحن فيه و لا نظر فيهما إلى النقل، فإنّ موردهما دفع صدقة أهل البادية إلى الحضري حتّى إذا كان موجوداً في البادية، و كذلك صدقة الحضري إلى البدوي و إن كان موجوداً في الحضر، فلا نظر فيهما إلى النقل نفسه بحيث يتناول الحكم نقل صدقة أهل البادية إلى بادية أُخرى مثلها، أو نقل صدقة الحضري إلى حضري مثله في بلد آخر.
فالمستفاد منهما لزوم دفع صدقة كلّ صنف من البدوي و الحضري أو الأعراب و المهاجرين إلى ما يماثله في الصنف لا ما يقابله، سواء أ كان ذلك مقروناً بالنقل أم لا، فلا ارتباط لذلك بمحلّ الكلام لتتحقّق المعارضة بين الطائفتين.
و حيث لا قائل باعتبار المماثلة المزبورة فلا جرم يكون الحكم محمولًا على التنزيه من الكراهة أو الاستحباب، كما يفصح عنه ما في ذيل الثانية من قوله (عليه السلام): «ليس عليه في ذلك شيء مؤقّت موظّف» إلخ {2}.
و ممّا يؤكّد ذلك ما كان يفعله النبيّ و الوصيّ و غيرهما (عليهم السلام) من بعث العمال لجباية الزكوات و نقلها إليهم، فإنّه لو كان يجب صرف صدقات أهل البادية فيهم فكيف كانت تؤخذ منهم و يؤتى بها إليهم (عليهم السلام)؟!