و أمّا
من حيث الدلالة فهي ظاهرة في الكراهة، إمّا لأجل ظهور كلمة: «لا ينبغي» في
ذلك كما هو المشهور وإن لم نلتزم به أو لقرينتين في نفس الرواية تقتضيان
ذلك: إحداهما: التعليل بقوله: «لئلّا يعملوا»
إلخ، الذي يؤذن بوضوح بابتناء الحكم على التنزيه، لاندفاع فساد الطعام إمّا
بالتصدّق أو بالتوسعة على الأهل أو الجيران أو الادّخار في محلّ يؤمن من
الفساد ونحو ذلك، فالمراد عدم بلوغ المضيف مقصده من إكرام الضيف فيفسد عليه
غرضه، وهذا يناسب الكراهة والتنزيه كما هو ظاهر. ثانيتهما: التذييل بقوله(عليه السلام): «و لا
ينبغي لهم أن يصوموا إلّا بإذن الضيف» المتضمّن لحكم عكس المسألة، إذ لم
يقل أحد هنا بالحرمة، بل لم يتعرّضوا للكراهة أيضاً رغم دلالة الصحيحة
عليها، فيكشف ذلك بمقتضى اتّحاد السياق عن أنّ الحكم في الصدر أيضاً مبني
على الكراهة.
و منها: ما رواه الصدوق أيضاً بإسناده عن نشيط بن صالح، عن هشام بن الحكم،
عن أبي عبد اللََّه(عليه السلام)«قال: قال رسول اللََّه(صلّى اللََّه عليه
وآله): من فقه الضيف أن لا يصوم تطوّعاً إلّا بإذن صاحبه، ومن طاعة المرأة
لزوجها أن لا تصوم تطوّعاً إلّا بإذنه وأمره، ومن صلاح العبد وطاعته
ونصيحته لمولاه أن لا يصوم تطوّعاً إلّا بإذن مولاه وأمره، ومن برّ الولد
بأبويه أن لا يصوم تطوّعاً إلّا بإذن أبويه وأمرهما، وإلّا كان الضيف
جاهلاً، وكانت المرأة عاصية، وكان العبد فاسقاً، وكان الولد عاقّاً»{1}.