و لا فرق في الحكم المزبور بين المكاري والملاّح والساعي[1]و غيرهم ممّن عمله السفر(1).
_______________________________
بعد ما عاد من السفرة الاُولى إلى وطنه حكم عليه بالتمام بلا كلام، وبعد
ما خرج منه إلى السفرة الثانية يشكّ في انقلابه إلى القصر فيستصحب. و فيه أوّلاً: أنّه من الاستصحاب في الشبهات الحكمية، ولا نقول به. و ثانياً: أنّ هذا من قبيل القسم الثالث من
استصحاب الكلّي، فإنّ التمام الثابت آن ذاك إنّما هو بعنوان كونه في الوطن،
وهذا الفرد من كلّي وجوب التمام قد زال وارتفع بالخروج إلى السفرة الثانية
قطعاً، ولو ثبت الوجوب بعدئذ فهو بعنوان كونه مكارياً، الذي هو تخصيص في
أدلّة وجوب القصر، وهذا فرد آخر من التمام مغاير لما كان ثابتاً سابقاً،
يشكّ في حدوثه مقارناً لارتفاع الفرد السابق.
فذاك الفرد المتيقّن معلوم الارتفاع، وهذا الفرد مشكوك الحدوث، والكلِّي
الجامع بينهما غير قابل للاستصحاب، لما عرفت من كونه من قبيل القسم الثالث
من استصحاب الكلّي، والمقرّر في محلّه عدم جريانه{1}. فتحصّل: أنّ الأظهر هو الاختصاص بالسفرة الاُولى،
ووجوب التمام فيما عداها لا للاستصحاب، بل للدليل اللفظي حسبما عرفت.
(1)لا يخفى أنّ مقتضى الإطلاق في الأدلّة الأوّلية وجوب التقصير على كلّ
مسافر، خرجنا عن ذلك في المكاري ونحوه ممّن شغله السفر بمقتضى النصوص
الدالّة على وجوب التمام عليهم كما سبق، فكان هذا تخصيصاً في الدليل
الأوّلي.