قد يقال
بجريانها، لأنها مشكوكة الحرمة والحلية، ومقتضى عموم كل شيء لك حلال
إباحتها كما في الصورتين المتقدمتين، إلّا أن الصحيح عدم جريانها في هذه
الصورة، وذلك لأن المال كان ملكاً لغيره على الفرض، ومقتضى قوله تعالى { لاََ تَأْكُلُوا أَمْوََالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبََاطِلِ إِلاََّ أَنْ تَكُونَ تِجََارَةً عَنْ تَرََاضٍ } {1}و قوله(عليه السلام)«لا يحل مال امرئ مسلم إلّا بطيب نفسه»{2}عدم
حليته له إلّا بالتجارة عن تراض أو بطيب نفسه، والأصل عدم انتقاله بهما،
وبه نحكم بعدم حلية التصرفات في المال ولا يبقى معه مجال لأصالة الحلية كما
هو ظاهر، ولا تقاس هذه الصورة بالصورتين المتقدمتين، لعدم العلم فيهما
بكون المال ملكاً لغيره سابقاً حتى يجري استصحاب عدم انتقاله بالتجارة أو
بطيب نفسه.
الرابع: ما إذا كان المال مسبوقاً بملكيتين بأن علم أنه كان ملكه في زمان
وكان ملك غيره في زمان آخر، واشتبه المتقدم منهما بالمتأخر، ففي هذه الصورة
يجري استصحاب كل واحد من الملكيتين ويتساقطان بالمعارضة على مسلكنا، ولا
يجري شيء منهما على مسلك صاحب الكفاية(قدس سره)لعدم إحراز اتصال زمان الشك
بزمان اليقين، فلا أصل بالإضافة إلى الملكية ولا سبيل لإثباتها، فلا يجوز
في هذه الصورة شيء من التصرفات المتوقفة على الملك، وأمّا سائر التصرفات
فتجري أصالة الحل بالإضافة إليها كما مرّ للشك في حرمتها، وليس في البين
أصل يحرز به بقاء ملك الغير حتى يوجب حرمتها كما في الصورة المتقدمة.
{2}قد ورد مضمونه في موثقة زرعة عن
سماعة عن أبي عبد اللََّه(عليه السلام)«أن رسول اللََّه(صلّى اللََّه عليه
وآله وسلم)في حديث قال: من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها
فإنّه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلّا بطيبة نفس منه». ورواه في الكافي
بسند صحيح وفيما عن الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول عن رسول
اللََّه(صلّى اللََّه عليه وآله وسلم)أنه قال في خطبة الوداع«أيها الناس { إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }
ولا يحل لمؤمن مال أخيه إلّا عن طيب نفس منه» المرويتين في الوسائل 5:
120/ أبواب مكان المصلِّي ب 3 ح 1، 3. وفي الباب 3 من أبواب الأنفال في
حديث محمد بن زيد الطبري«و لا يحل مال إلّا من وجه أحله اللََّه» كما قدمنا
نقلها في تعليقة ص335. وغيره من الأخبار المروية في الباب المذكور.