ادعى المحدث الأمين الأسترآبادي(قدس سره)الإجماع على حجية الاستصحاب في الموضوعات{1}.
و تحقيق الحال أن الاكتفاء بمطلق الظن لا دليل عليه إلّا ما توهّمه القائل
باعتباره من أن أكثر الأحكام الشرعية ظني، والنجاسة من جملتها فيكتفى فيها
بالظن.
و فيه: أنه إن أُريد بذلك أن الأحكام الشرعية لا يعتبر في ثبوتها العلم
الوجداني فهو صحيح إلّا أنه لا يثبت حجية مطلق الظن في الأحكام. وإن أُريد
به أن مطلق الظن حجة في ثبوت الأحكام الشرعية ففساده أظهر من أن يخفى،
فإنّه لا عبرة بالظن إلّا فيما ثبت اعتباره فيه بالخصوص كالقبلة والصلاة،
اللّهم إلّا أن نقول بتمامية مقدمات الانسداد، فيكون الظن حجة حينئذٍ، إلّا
أنها لو تمت فإنّما تقتضي حجية الظن في الأحكام دون الموضوعات فهذا القول
ساقط.
كما أن اعتبار خصوص العلم الوجداني في ثبوتها لا دليل عليه، ولعلّ الوجه في
اعتباره تعليق الحكم بالنجاسة في بعض الأخبار على العلم بها كما في
قوله(عليه السلام): «كل شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر فاذا علمت فقد قذر...»{2}. وقوله(عليه السلام): «ما أُبالي أبول أصابني أو ماء إذا لم أعلم»{3}.
و فيه: أنه لا يقتضي اعتبار العلم الوجداني في ثبوت النجاسة، فإن العلم
بالنجاسة غاية للحكم بالطهارة كأخذ العلم بالحرمة غاية للحكم بالحلية في
قوله(عليه السلام): «كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام...»{4}و
من الظاهر أن المراد به ليس هو العلم الوجداني فحسب، وإلّا لا نسد باب
الأحكام الشرعية لعدم العلم الوجداني في أكثرها، بل المراد بالعلم فيها أعم
من الوجداني والتعبدي.
{4}ورد ذلك في روايات أربع: الأُولى
والثانية صحيحة عبد اللََّه بن سليمان ومرسلة معاوية بن عمار المرويتان في
الوسائل 25: 117/ أبواب الأطعمة المباحة ب 61 ح 1، 7. والثالثة والرابعة
موثقة مسعدة بن صدقة وصحيحة عبد اللََّه بن سنان عن الصادق(عليه
السلام)المرويتان في الوسائل 17: 89/ أبواب ما يكتسب به ب 4 ح 4، 1.