و صحيحة منصور بن حازم«إذا كنت إماماً فاقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب وإن كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل»{1}.
و قد جمع المحقق الهمداني(قدس سره){2}بينهما
بالالتزام بالتخصيص، وأنّ خصوص الإمام تتعين عليه الفاتحة، فتحمل النصوص
السابقة على غير الإمام وهو كما ترى فانّ في بعض تلك النصوص التصريح
بالتسبيح في خصوص الإمام كصحيحة سالم أبي خديجة المتقدمة آنفاً، فتقع
المعارضة لا محالة، ولا سبيل للتخصيص، بل إنّ مقتضى الجمع العرفي بينهما هو
الحمل على التخيير، لظهور كل منهما في التعيين، فيرفع اليد عن خصوصية
التعينية ويحمل على التخيير.
و منه تعرف أنّه لا مجال لحمل الصحيحتين على التقية كما ارتكبه صاحب الحدائق{3}،
إذ الحمل المزبور فرع تعذر الجمع العرفي وقد عرفت إمكانه بما ذكرناه
ونتيجة ذلك هو الحكم بالتخيير من دون ترجيح لأحدهما على الآخر.
هذا، والتحقيق عدم إمكان الحمل على التقية في نفسه، فإنّ الأمر بالقراءة في
الصحيحتين ظاهر في الوجوب، فامّا أن يراد به الوجوب التعييني أو التخييري
لا سبيل للثاني للتصريح في ذيلهما بثبوت التخيير للمنفرد أيضاً، فلم يبق
فرق بينه وبين الإمام، ومن الواضح أنّ التفصيل قاطع للشركة.
كما لا سبيل للأوّل أيضاً، إذ لم يقل به أحد حتى من العامة، فإنّ مذهبهم
أفضلية القراءة في الأخيرتين لا تعيّنها فكيف يحمل على التقية.
و دعوى حمل الأمر على الاستحباب، ثم الحمل على التقية، كما ترى، إذ لا مقتضي لحمل اللفظ على خلاف ظاهره ثم الحمل على التقية.
{1}الوسائل 6: 126/ أبواب القراءة في الصلاة ب 51 ح 11.