و أمّا القول بتعيّن الأخيرة، فقد استدل له أيضاً بوجوه: أحدها: الفقه الرضوي{1}المتضمن للتصريح بذلك. لكنّه كما ترى لا حجية فيه فلا يصلح للاستناد إليه في شيء من الأحكام كما مرّ مراراً. الثاني: ما نقله المحقق الهمداني{2}عن
كاشف اللثام في شرح الروضة من الاستدلال برواية أبي بصير، وفيها بعد ذكر
الدعاء بعد التكبيرات الثلاث بقوله: اللََّهمّ أنت الملك الحق
المبين...إلخ، والدعاء عقيب الاثنين بقوله: لبيك وسعديك وعقيب السادسة
بقوله: يا محسن قد أتاك المسيء، قال(عليه السلام): ثم تكبر للإحرام، لكنّا
بعد التتبع لم نجدها في كتب الحديث كي ننظر في سندها. نعم مضمونها مذكور
في صحيحة الحلبي المتقدمة{3}مع اختلاف يسير وظني انّها اشتبهت بها، لكنها خالية عن الذيل الذي هو مورد الاستدلال فلاحظ. الثالث: ما استظهره في الجواهر{4}من
النصوص المتضمّنة لاخفات الإمام بست، والجهر بواحدة، التي هي تكبيرة
الإحرام بمناسبة الحكم والموضوع بضميمة ما ورد من أنّ الإمام يجهر بكل ما
يتلفّظ به ويسمع المأمومين كل ما يقوله في الصلاة، فإنّ الجمع بين الدليلين
يقضي بتعيّن الأخيرة للافتتاح إذ لو كان ما عداها لزم ارتكاب التخصيص في
الدليل الثاني كما لا يخفى، فتحفّظاً على أصالة العموم يحكم بأنّها
الأخيرة، كي يكون ما قبلها من التكبيرات واقعة قبل الصلاة، فالاخفات فيها
لا ينافي مع الإجهار المطلوب في الصلاة. و ربما يجاب عنه: بأنّ أصالة العموم حجة في تشخيص المراد لا في كيفية الإرادة، فلا تجري إلّا لاستعلام الحكم لدى الشك فيه لا لتشخيص حال الموضوع