ثانيتهما: موثقة عمار عن أبي عبد اللََّه(عليه السلام)في حديث قال: «سألته
عن الرجل ينسى أن يفصل بين الأذان والإقامة بشيء حتى أخذ في الصلاة أو
أقام للصلاة، قال: ليس عليه شيء...» إلخ{1}حيث دلت على أنّ الدخول في الإقامة مصداق لنسيان الفصل كالدخول في نفس الصلاة، وهذا كما ترى لا ينسجم إلا مع لزوم تأخرها عن الأذان. و منها: موثقته الأُخرى أنه قال: «سئل أبو عبد
اللََّه(عليه السلام)عن رجل نسي من الأذان حرفاً فذكره حين فرغ من الأذان
والإقامة قال: يرجع إلى الحرف الذي نسيه فليقله، وليقل من ذلك الحرف إلى
آخره، ولا يعيد الأذان كله ولا الإقامة»{2}فإنّه لولا تأخر محل الإقامة لم يكن وجه لقوله(عليه السلام): «و لا الإقامة»، إذ مع التقدم لا مجال لتوهم الإعادة كما لا يخفى. و منها: ولعلها أوضح من الكل، صحيحة زرارة
المتضمنة لتطبيق قاعدة التجاوز على الشك في الأذان بعد الدخول في الإقامة
قال: «قلت لأبي عبد اللََّه(عليه السلام)رجل شك في الأذان وقد دخل في
الإقامة، قال يمضي إلى أن قال يا زرارة إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره
فشكك ليس بشيء»{3}فإنّه لولا
تأخر محل الإقامة عن الأذان لم يكن مجال للتطبيق المزبور. (1)و أمّا الجهة
الثانية: فتدل على الاعتبار مضافاً إلى الإجماع وما عرفته من الارتكاز،
جملة من الأخبار: منها: النصوص البيانية المتضمنة
لكيفية الأذان والإقامة، فانّ ظاهرها بعد اتحاد ألسنتها تحديد الفصول على
النهج الخاص ووضع كل فصل في ظرفه
{1}الوسائل 5: 398/ أبواب الأذان والإقامة ب 11 ح 5.
{2}الوسائل 5: 442/ أبواب الأذان والإقامة ب 33 ح 4.