ويندفع الأول:
بأنّ سقوط الرواية عن الحجية في بعض مدلولها لمانع مختص به لا يلازم
سقوطها في البعض الآخر، فانّ التفكيك في مفاد الدليل غير عزيز في الفقه،
والسرّ أنّ الرواية المشتملة على حكمين تنحلّ في الحقيقة إلى روايتين،
فكأنّ الراوي روى مرة جواز الصلاة في الفنك وأُخرى جوازها في السنجاب، فاذا
كان للأُولى معارض أوجب سقوطها عن الحجية لا مقتضي لرفع اليد عن الثانية
السليمة عنه، نظير ما لو أخبرت البينة في الشبهات الموضوعية عن طهارة الثوب
والإناء، وقد علمنا بنجاسة الثوب، فانّ سقوطها فيه لا يستوجب السقوط عن
الحجية في الإناء.
و عليه فتحمل الاُولى في المقام على التقية لوجود المعارض، والثانية على بيان الحكم الواقعي لسلامتها عنه. فالعمدة في الإشكال هو الوجه الثاني. وقد أجاب عنه جمع منهم صاحب الجواهر{1}بعدم
الضير في تخصيص الموثقة بهذه الصحاح وإن استلزم تخصيص المورد، إذ لا محذور
فيه في القرينة المتصلة بالضرورة كما لو سئل عن إكرام زيد العالم فأُجيب
أكرم كلّ عالم إلا زيداً، أو لو أُجيب في الموثقة هكذا: وكلّ شيء منه إلا
السنجاب. فاذا ساغ ذلك في المتصلة ولم يكن محذور فيه ساغ في المنفصلة أيضاً
بمناط واحد، إذ المعيار في التنافي بين الدليلين عدم إمكان الجمع بينهما
في لسان واحد، فإذا أمكن لدى الاتصال وصحّ التخصيص الدافع للمنافاة أمكن
لدى الانفصال أيضاً.
و الأصل في هذا الجواب هو صاحب الجواهر على ما ذكره المحقق الهمداني{2}(قدس سرهما).
و لكنك خبير بأنّ هذه العلّة واضحة الدفع، للفرق البيّن بين القرينتين، فانّ