أحدهما: أنّ الوتيرة خارجة عن موضوع دليل السقوط، إذ لم يثبت كونها نافلة للعشاء{1}ليشملها
ما دل على سقوط نوافل المقصورة في السفر، وإنما هي صلاة مستحبة شرّعت
بدلاً عن الوتر مخافة فوتها في ظرفها، كما تدل عليه صحيحة فضيل بن يسار عن
أبي عبد اللََّه(عليه السلام)في حديث«... منها ركعتان بعد العتمة جالساً
تعدّ بركعة مكان الوتر..»إلخ{2}و
لعلّه لأجل ذلك عددت النوافل والفرائض في جملة من النصوص بخمسين ركعة. إذن
فلا معارض لما دل على استحبابها المطلق الشامل للسفر والحضر. ثانيهما: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما(عليه
السلام)قال: «سألته عن الصلاة تطوعاً في السفر، قال: لا تصل قبل الركعتين
ولا بعدهما شيئاً نهاراً»{3}.
فإن السؤال عن مطلق التطوع في السفر، فتخصيص النفي بالجواب بالنوافل
النهارية يدل بمقتضى مفهوم الوصف على عدم تعلق الحكم بالطبيعي المطلق، بل
بحصّة خاصة منها، وإلا لأصبح القيد لغواً على التفصيل الذي حققناه في
الأُصول{4}، وربما يعضده حصر
مقصورة الليل في العشاء الآخرة، ضرورة عدم التقصير في المغرب والفجر. إذن
فالتقييد بالنهارية في الصحيحة كأنه ناظر إليها خاصة إيعازاً إلى أنها غير
ساقطة. و على الجملة: فلا يبعد القول بعدم السقوط لهذين
الوجهين، ولكن المشهور حيث ذهبوا إلى السقوط كان الأحوط الإتيان بها بعنوان
الرجاء حذراً عن مخالفتهم.
{1}لا
حاجة إلى إثبات ذلك بعد إطلاق دليل السقوط الشامل للنافلة وغيرها، إذ لا
شك أن الوتيرة مستحبة بعد العشاء بهذا العنوان فيشملها قوله(ع)في صحيحة ابن
سنان«ليس قبلهما ولا بعدهما شيء» ودعوى الانصراف إلى النافلة كما ترى.