كل هذه النصوص تجعلنا نأبى كون وضع كنية أبي بكر على ابن أبي قحافة جاء من باب التفاؤل والرجاء ; لأ نّه هو الذي نزل فيه قوله تعالى : (أاَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَي نَجْوَاكُمْ صَدَقَة)[2] .
فقد كان مشفقاً شحيحاً في أن يقدم بين يدي نجواه للرسول صدقة بسيطة ، فكيف يهب هذه الأموال الكثيرة ؟
والتفصيل في هكذا اُمور من المواضيع التي يمكن أن تبحث في السيرة النبوية وكتب الكلام لا هنا .
أ مّا الاحتمال الثالث فيعني وضع هذه الكنية تعريضاً بأبي بكر ، كأن يقال للأسود : (أبو البيضاء) ، أو للاعمى : (أبو بصير) ، وللأقرع : (أبو الجعد) ، وللأعرج : (ابن ذي الرجل) ، وهذا بعيد لو قلنا بوضع هذه الكنية من قِبَلِ رسول الله عليه .
أ مّا الاحتمال الرابع فقد يكون وارداً ; لكن بعناية ما ، وهو الذي دعا رسول الله أنّ يبدل كنيته من أبي الفصيل إلى أبي بكر ، ولم يكنّه بأبي عبدالرحمن
أو أبي محمّد ، كلّ ذلك مجاراة لكنيته الأُولى في الجاهلية ، كما رأيناه(صلى الله عليه وآله) قد
بدل كلمة (حزن) بـ (سهل) ، و (عاصية) إلى (جميلة) ، لأنّ من المعروف بأن أبا قحافة ـ وقيل هو أيضاً ـ كانا يناديان على مائدة ابن جدعان ، فكأنّ التكنية
بذلك جائه لكونه يرعى إبل ابن جدعان أو غيره ، فصارت كنية (أبي الفصيل)
ملازمة له .
و إليك تفصيل رؤيتنا كي تقف على أنّ كنية ابن أبي قحافة في الجاهلية