إلى أن قـال : فكـلّم عمر أبا بكر فقـال : إنّ أبا سفيان قد قَـدِم ، وإنّـا لا نأمن شرّه ، فَـدَعْ[1] له ما في يده ; فتركه ، فرضيَ .
وأنت تعلم أنّ مال السعاية التي يوجّه بها أبو سفيان ، ويرشى به في أمر الخلافة ، ويرضيه ممّن ازدراه واسـتصغره ; لهو من أكـثر الأموال !
فإذا وسع مال الله هذه العطـيّـات ونحوها ، فكيف يضيق عن نفقة أزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ !
ولو فرض أنّه يضيق عنها ، فقد كان من شرع الإحسان وحفظ الذمام لسيّد المرسلين أن يضيّقوا على أنفسهم وينفقوا على الأزواج من مال الله ، أو يضمّ أبو بكر وعمر ابنتيهما إلى عيالهما ويطيّبوا نفس بضعة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)بإعطائها فدك التي أفاء الله بها عليه ، ولا يلجِئُها إلى النزاع في تلك المقامات ويغضبوها حتّى الممات .
أترى أنّ من بنى لقومه بيت شرف ومجد ، وجعل لهم مملكة يزاحمون بها الممالك العظمى ، ثمّ مات وخلّف بينهم بنتاً واحدة ، ومالا يقوم بكفايتها ، فهل يحسن منهم أن ينتزعوا منها ذلك المال قهراً بحجّـة أنّـه يعود إلى المملكة ؟ !
وهل ترى مَن يفعل ذلك معدوداً من حافظي حقّ الأب وذمامه ، أو معدوداً من المضيّعين لحقّه وأعدائـه ؟ !
[1] كان في الأصل : " فدفع " ، وهو تصحيف ، وما أثبتـناه من المصـدر .