وحكى السـيّد السعيد ، عن ابن شهرآشوب وغيره ، أنّ هاشماً وجد حنتمة مرميّـة في الطريق ، فأخذها وربّاها ، ثمّ زوّجها الخطّاب[1] .
وهو الأقرب ; فإنّ الخطّاب أقلُّ نفساً وبيتاً من أن يتزوّج بنت هاشم الصُّلبية[2] ، ولا سـيّما أنّ أُمّ الخطّاب ـ أو جـدّته لأبيه ـ " نُـفيل " ، أَمَـةٌ زنجيّـة[3] ; والعـرب تأنف من الزنوج[4] ، وإنّما نُسـبت إلى هاشم بالتبنّي والتربية ، كما هو عادة العـرب .
وأمّـا ما زعمه من اختفاء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيت الأرقم . .
فكذب ظاهر ; لأنّ عمّه أبا طالب (عليه السلام) أقوى على حفظه ، ويواسيه بنفسه وأولاده ; ومن يقدر على قتله وعمّـه في الحياة ؟ !
روى الحاكم في " المسـتدرك "[5] ، وصحّحه على شرط الشيخين ، عن عائشة ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال : " ما زالت قريـش كاعّـةً[6] حتّى
[2] كـذا في الأصل ، نسـبةً إلى الصُّـلْب ; وهو من الظهر وكلّ شيء من الظهر فيه فقار ، وأراد بها النسـبية ، ولم يَـرِدْ بها الاسـتعمال ، والفصيح الوارد مجازاً أن يقال : صَـلِـيـبة ; أي خالصة النسـب .
انظر : تاج العروس 2 / 148 ـ 152 مادّة " صلب " .
[3] المنمّق ـ لابن حبيب ـ : 400 ، المحبّر : 306 ، مثالب العرب ـ للكلبي ـ : 103 .
[4] انظر مؤدّاه في : رسائل الجاحظ 1 / 139 و 153 ، الشعر والشعراء 1 / 250 ، المسـتطرف 2 / 86 ـ 87 .
[6] الكاعّـةُ : جمع الكاعِّ ، وهو الجبان الناكص على عقبيه ، والضعيف العاجـز الذي لا يمضي في عزم ولا حزم ، وبه فُسِّـر لفظ الحديث في كـتب اللغة ، والفعل فيه : كَـعَّ يَـكُِـعُّ ـ بكسـر الثاني وضمّه ـ كَـعّـاً وكُـعُوعاً وكَعاعة وكَـيْـعُوعةً ، فهو كَـعٌّ وكاعٌّ .
انظر مادّة " كعع " في : لسان العرب 12 / 110 ، تاج العروس 11 / 424 ـ 425 .