وأمّا قوله : " وأوصى أن يُكفّن في أثوابه التي لبسها في أيّام حياته ، وقال : إنّ الحيّ بالجديد أجدر " .
فهو لو صحّ دلّ على جهل أبي بكر بسُـنّة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) . .
روى مسلم[1] ، عن جابر : " أنّ النبيّ خطب يوماً فذكر رجلا من أصحابه قُبض فكُفّنَ بكفن غير طائل وقُبر ليـلا ، فزجر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يُقبـر الرجل بالليل حتّى يُصلّى عليه ، إلاّ أن يضطـرّ إنسانٌ إلى ذلك ; وقال النبيّ : إذا كَـفّنَ أحدُكم أخاه فليحسِّـن كـفـنَـه " .
بل تـدلّ وصيّـة أبي بكر بتـكـفينه بالعتيـق على طلـب مخالفـة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ; إذ كُفّن بالجديد ، ولم يُوصِ بالتكفين بالعتيق .
ففي " كنز العمّال "[2] ـ عند ذِكر وفاة أبي بكر ـ ، عن أبي يعلى ، وأبي نُعيم ، والدغولي ، والبيهقي ، بأسانيدهم عن عائشة ، قالت ـ في حديثها عن موت أبيها ـ : قال : [في] كم كُـفّن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟
[1] في باب تحسين كفن الميّت من كتاب الجنائز [3 / 50] . منـه (قدس سره) .
[2] ص 324 من الجزء السادس [12 / 536 ح 35723] . منـه (قدس سره) .
وانظر : مسند أبي يعلى 7 / 429 ـ 431 ح 4451 و ص 469 ح 4495 ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 3 / 399 و ج 4 / 31 .
[3] السُّـحُوليّة والسَّـحُوليّة ـ بضمّ السـين أو فتحها ـ : فإن كانت بالضمّ ، فهي جمع " سَحْل " وهو الثوب الأبيض النقي ، ولا يكون إلاّ من قطن .
وإنْ كانت بالفتح ، فهي نسـبة إلى السَّحُول ، وهو القَصَّار ; لاة نّـه يَسْـحَلُها ، أي يَغْسِلُها ; أو نسـبة إلى " سَحُول " أو " سُحُول " قبيلة من اليمن ، أو قرية باليمن يُحمل منها ثياب قطن بيض تدعى السُّـحُولـيّـة أو السَّـحُولـيّـة .
انظر مادّة " سحل " في : النهاية في غريب الحديث والأثر 2 / 347 ، معجم البلدان 3 / 220 رقم 6303 ، لسان العرب 6 / 196 .