وحكى السـيوطي في " الدرّ المنثور " ، عن الفريابي ، أنّه أخرج عن ابن عبّـاس ، قال : " كان زكريّا لا يُولد له ، فسأل ربّه فقال : ربّ هب { لي من لَـدُنْـك ولـيّـاً * يرثُـني ويرثُ من آل يعقوبَ}[2] .
قال : يرثني مالي ، ويرث من آل يعقوب النبـوّة "[3] .
ويَرِدُ عليه ثانياً : إنّ دعواه الإجماع على أنّ يحيى قُتل قبل أبيه باطلة ; لأنّها من قبيل دعوى الإجماع على خلاف ما أنزل الله تعالى ، قال سـبحانه : { إنّي خِفتُ المواليَ من ورائي . . . فهب لي مِن لَـدُنْـك ولـيّـاً * يَرثُـني . . .}[4] .
فإنّه يسـتلزم بمقتضى اسـتجابة دعاء زكريّا أن يكون يحيى قد بقيَ بعـد أبيه ; لأنّ الوراثة تسـتدعي بقاء الوارث بعد الموروث .
وثالثاً : إنّه لا بُـدّ من حمل الآية على ميراث المال لا النبـوّة ; لأُمـور :
الأوّل : إنّ يحيى (عليه السلام) كان نبيّـاً في حياة أبيه وهو صبيّ ، فلا معنى لأن يكون وارثاً للنبـوّة من أبيه ، مع أنّ النبـوّة لا تحصل بالميراث إلاّ بالتجـوّز ، وهو خلاف الظاهر .
الثاني : إنّ الموالي كانوا شرار بني إسرائيل ، كما في " الكشّاف "[5] ،
[1] تفسير الفخر الرازي 21 / 185 ، وانظر : تفسير مجاهد : 453 .