responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دلائل الصدق لنهج الحق نویسنده : المظفر، الشيخ محمد حسن    جلد : 7  صفحه : 100

وكيف يسـبّه وقد علم أنّ من سـبّه سـبّ الله ورسوله[1] ؟ !‌

اللّهمّ إلاّ أن يكون كافراً مخالفاً لِما عُلم وثبت بالضرورة ! والعبّـاس أجلّ ‌قدراً وأعلى شأناً من ذلك ، فلا بُـدّ أن يكون هذا القول مكذوباً على العبّـاس من ‌المنافقين الّذين يريدون سـبّ الإمام الحقّ ، ووضعوا هذا الحديث لإصلاح حال ‌أبي بكر وعمر من دون فهم ورويّـة !‌

وأمّـا حـديث أبي هريرة ـ الذي اسـتدلّ به الخصـم ـ لعـدم تفـرّد أبي ‌بكر ، فهو من الكذب المجمَع عليه ; لمخالفته لمذهبنا كما هو ظاهر ، ‌ولمذهبهم ; لأنّهم يزعمون أنّ ما تركه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) صدقةٌ ‌كلُّه ، فلا وجهَ لاسـتثناء نفقة نسائه .‌

وليـس هـذا الكـذب إلاّ مـن أبـي هـريـرة ; تزلّـفاً لأهـل الخـلاف بـلا ‌معرفـة[2] .‌


[1] راجع تفصيل ذلك في : ج 6 / 432 هـ 3 ، من هذا الكـتاب .‌

[2] نـقـول : إنّ علماء الجمهور ـ من المحدّثين والأُصوليّين والمتكلّمين ـ قد اتّفقوا على أنّ هذا ‌الخبر قد تفـرّد أبو بكر بروايته عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ; وتصريحهم بذلك هو ردٌّ ‌ونقض لكلام أبي هريرة ، وفي ما يلي جملة من نصوص عباراتهم المشـتملة على إقرارهم بذلك :‌

‌ قال الحافظ السـيوطي : " أخرج أبو القاسم البغوي وأبو بكر الشافعي في ( فوائده ) وابن ‌عساكر ، عن عائشة ، قالت : اختلفوا في ميراثه (صلى الله عليه وسلم) ، فما وجدوا عنـد أحد ‌من ذلك علماً ، فقال أبو بكر : سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول : إنّـا معاشر الأنبياء ‌لا نورث ما تركـناه صدقة " .‌

‌ وقال ابن حجر الهيتمي المكّي : " اختلفوا في ميراث النبيّ (صلى الله عليه وسلم) ، فما ‌وجدوا عنـد أحد في ذلك علماً ، فقال أبو بكر : سمعت رسول الله . . . " .‌

‌ وقال القاضي عضد الدين الإيجي : " يجب العمل بخبر الواحد العدل خلافاً للقاساني و . . .‌

‌ لنا : تكرّر العمل به كثيراً من الصحابة والتابعين شائعاً ذائعاً من غير نكير . . .‌

قد ثبت جواز التعبّد بخبر الواحد ، وهو واقع ، بمعنى أنّـه يجب العمل بخبر الواحد ، وقد أنكره ‌القاساني والرافضة وابن داود ، والقائلون بالوقوع قد اختلفوا في طريق إثباته ، والجمهور على أنّـه ‌يجب بدليل السمع ، وقال أحمد والقفّال وابن سريج وأبو الحسـين البصري بدليل العقل .‌

لنا : إجماع الصحابة والتابعين ; بدليل ما نقل عنهم من الاسـتدلال بخبر الواحد ، وعملهم به في ‌الوقائع المختلفة التي لا تكاد تحصى ، وقد تكـرّر ذلك مرّة بعد أُخرى ، وشاع وذاع بينهم ، ولم ‌ينكر عليهم أحد ، وإلاّ نُـقل ، وذلك يوجب العلم العادي باتّفاقهم كالقول الصريح ، وإنْ كان احتمال ‌غيره قائماً في كلّ واحد واحد ; فمن ذلك :‌

أنّـه عمل أبو بكر بخبر المغيرة في ميراث الجدّة ، وعمل عمر . . . وعمل الصحابة بخبر أبي ‌بكر : ( الأئمّة من قريـش ) ، و ( الأنبياء يُدفنون حيث يموتون ) ، و ( نحن معاشر الأنبياء لا ‌نورث ) .‌

إلى غير ذلك ممّا لا يجدي اسـتيعاب النظر فيه إلاّ التطويل " .‌

‌ وقال الرازي : " المسلك الرابع : الإجماع ، العمل بخبر الواحد الذي لا يُقطع بصحّته مجمَع ‌عليه بين الصحابة ، فيكون العمل به حقّـاً .‌

إنّما قلنا : ( مجمَع عليه بين الصحابـة ) ; لأنّ بعض الصحـابة عمل بالخبـر الذي لا يُقطع بصحّته ، ‌ولم ينقل عن أحد منهم إنكارٌ على فاعله ، وذلك يقتضي حصول الإجماع .‌

وإنّما قلنا : ( إنّ بعض الصحابة عمل به ) ; لوجهين :‌

الأوّل : وهو أنّه روي بالتواتر ، أنّ يوم السقيفة لمّا احتجّ أبو بكر (رضي الله عنه) على الأنصار ‌بقوله عليه الصلاة والسلام : ( الأئمّة من قريـش ) ، مع أنّه مخصّصٌ لعموم قوله تعـالى : ( أطِيعُوا ‌اللهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولي الأمْرِ مِنْكُمْ ) ، قبلوه ولم ينكر عليه أحـد . . .‌

الثاني : الاسـتدلال بأُمور لا ندّعي التواتر في كلّ واحد منها ، بل في مجموعها .‌

وتقريره : أن نبيّن أنّ الصحابة عملوا على وفق خبر الواحد ، ثمّ نبيّن أنّهم إنّما عملوا به لا ‌بغيره .‌

‌ أمّا المقام الأوّل ، فبيانه من وجوه :‌

الأوّل : رجوع الصحابة إلى خبر الصدّيق في قوله عليه الصلاة والسلام : ( الأنبياء يدفنون حيث ‌يموتون ) ، وفي قوله : ( الأئمّة من قريش ) ، وفي قوله : ( نحن معاشر الأنبياء لا ‌نورث ) . . . " .‌

‌ وقال الغزّالي : " وكلام من ينكر خبر الواحد ولا يجعله حجّةً في غاية الضعف ، ولذلك تُرك ‌توريث فاطمـة ـ رضي الله عنها ـ بقول أبي بكر : ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ) الحـديث .‌

فنحن نعلم أنّ تقدير كذب أبي بكر وكذب كلّ عدل ، أبعد في النفس من تقدير كون آية المواريث ‌مسوقة لتقدير المواريث ، لا للقصد إلى بيان حكم النبيّ عليه الصلاة والسلام . . . " .‌

‌ وقال الآمدي ـ في مبحث حجّيّة خبر الواحد ـ : " ويدلّ على ذلك ما نقل عن الصحابة من ‌الوقائع المختلفة الخارجة عن العدّ والحصر ، المتّفقة على العمل بخبر الواحد ووجوب العمل به ، ‌فمن ذلك ما روي عن أبي بكر الصدّيق (رضي الله عنه) أنّه عمل بخبر المغيرة و . . . ومن ذلك ‌عمل جميع الصحابة بما رواه أبو بكر الصدّيق من قوله : ( الأئمّة من قريش ) ، ومن قوله : ‌( الأنبياء يدفنون حيث يموتون ) ومن قوله : ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه ‌صدقة ) . . . " .‌

‌ وقال علاء الدين البخاري : " وكذلك أصحابه عملوا بالآحاد وحاجّوا بها في وقائع خارجة عن ‌العدّ والحصر ، من غير نكير منكر ، ولا مدافعة دافع . . . ومنها : رجوعهم إلى خبر أبي بكر ‌(رضي الله عنه) في قوله (عليه السلام) : ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ) . . . " .‌

‌ وقال عبـد العلي الأنصاري : " ولنا ثانياً : إجماع الصحابة على وجوب العمل بخبر العدل . . . ‌فمن ذلك : أنّه عمل الكلّ من الصحابة بخبر خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)أبـي بـكـر ‌الصـدّيـق (رضي الله عنه) : ( الأئـمّـة مـن قـريـش ) ، و ( نـحـن مـعـاشـر الأنـبـيـاء لا ‌نورث ) . . . " .‌

‌ وقال نظام الدين الأنصاري ـ في مبحث وجوب قبول خبر الواحد ، من ( شرح المنار في علم ‌الأُصول ) ـ : " ولهم أيضاً : الإجماع ، وتفصيله ـ على ما في التحرير ـ أنّه تواتر عن الصحابة ـ ‌رضوان الله تعالى عليهم ـ في وقائع خرجت عن الإحصاء يفيد مجموعها إجماعهم على وجوب ‌القبول . . . فلنعدّ جملةً ، منها : عمل أمير المؤمنين أبي بكر الصدّيق بخبر المغيرة . . .‌

وأيضـاً : إنّ الإجمـاع قد ثبـت على قبـول خبـر أبي بكر : ( الأئمّـة من قريـش ) و ( نحن معاشر ‌الأنبياء لا نورث ) . . .‌

وها هنا دغدغة : فإنّ ذلك يسـتلزم أن يُنسخ الكتاب بخبر الواحد ، فإنّه قبل انعقاد الإجماع كان خبراً ‌واحداً محضاً ، وفي الكتاب توريث البنت مطلق .‌

نعم ، إنّ أبا بكر إذ سمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلا شبهة عنده ، فإنّه أتمّ من ‌التواتر ، فصحّ له ذلك مخصّصاً أو نسخاً ، بخلاف مغيرة ، فإنّه إنّما خصّ أو نسخ بخبر الواحد . ‌وبعد الإجماع فإنّما الإنساخ والتقييد بخبر الواحد عند المحقّقين .‌

والجواب : إنّ عمل أمير المؤمنين أبي بكر بمنزلة قوله وقول غيره من الصحابة : إنّ هذا ‌منسوخ ; وهو حجّة في النسخ ، مع أنّ طاعة أُولي الأمر واجبة " .‌

‌ وقال القاضي الإيجي وشارحه الشريف الجرجاني : " شرائط الإمامة ما تقدّم ، وكان أبو بكر ‌مسـتجمعاً لها ، يدلّ عليه كتب السـير والتواريخ ، ولا نسلّم كونه ظالماً .‌

قولهم : كان كافراً قبل البعثة ; تقدّم الكلام فيه ، حيث قلنا : الظالم من ارتكـب معصيـةً تسقط ‌العدالة بلا توبة وإصلاح ، فمن آمن عند البعثة وأصلح حاله لا يكون ظالماً .‌

قولهم : خالف الآية في منع الإرث .‌

قلنا : لمعارضتها بقوله (عليه السلام) : ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ) .‌

فإن قيل : لا بُـدّ لكم من بيان حجّيّة ذلك الحديث الذي هو من قبيل الآحاد ، ومن بيان ترجيحه ‌على الآية .‌

قلنا : حجّيّة خبر الواحد والترجيح ممّا لا حاجة لنا إليه ها هنا ; لأنّه (رضي الله عنه) كان حاكماً بما ‌سمعه من رسول الله ، فلا اشـتباه عنده في سـنده " .‌

‌ وقال سعد الدين التفتازاني : " فممّا يقدح في إمامة أبي بكر (رضي الله عنه) أنّه خالف كـتاب الله ‌تعـالى في منـع إرث النبيّ ، بخبـر رواه ، وهـو : ( نحـن معاشـر الأنبـياء لا نورث ما تركناه ‌صدقة ) ، وتخصيص الكتاب إنّما يجوز بالخبر المتواتر دون الآحـاد .‌

‌ والجواب : إنّ خبر الواحد ـ وإن كان ظنّيّ المتن ـ قد يكون قطعي الدلالة ، فيخصّص به عامّ ‌الكتاب ; لكونه ظنّيّ الدلالة وإن كان قطعيّ المتن ، جمعاً بين الدليلين ، وتمام تحقيق ذلك في ‌أُصول الفقه ، على أنّ الخبر المسموع من فم رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن لم يكن فوق ‌المتواتر فلا خفاء في كونه بمنزلته ، فيجوز للسامع المجتهد أن يخصّص به عامّ الكتاب " .‌

انظر ما تقـدّم من النصوص في : تاريخ الخلفاء : 86 ، تاريخ دمشق 30 / 311 ، الصواعق ‌المحرقة : 20 ، شرح مختصر ابن الحاجب 2 / 58 ـ 59 ، المحصول في علم الأُصول 2 / 180 ‌ـ 181 ، كشف الأسرار في شرح أُصول البزدوي 2 / 688 ، فواتح الرحموت شرح مسلّم الثبوت ـ ‌في هامش " المسـتصفى " ـ 2 / 132 ، شرح المواقف 8 / 355 ، شرح المقاصد 5 / 278 .‌

هـذا ، وقد عالج السـيّد عليّ الحسـيني الميلاني ـ حفظه الله ـ قضية فدك خاصّـة وميراث النبيّ (صلى ‌الله عليه وآله وسلم) عامّـة بأُسلوب جديد متقن في كـتابه " مسألة فدك " ; فراجعـه !‌

نام کتاب : دلائل الصدق لنهج الحق نویسنده : المظفر، الشيخ محمد حسن    جلد : 7  صفحه : 100
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست