بني عقيدتي ، ممّن تسمّوا بأهل السنّة والجماعة ، هو تقديم الخلفاء الثلاثة على أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، وتقديم عائشة على فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، رغم النصوص الصريحة التي تأبى عليهم ذلك الحيف والإجحاف بمن اصطفاهم الله سبحانه وتعالى ، وخصّهم منه بفضل لم يتسنّى لغيرهم ، مضافاً إلى سيرتيهما العطرة بالأعمال الجليلة والمثل النبيلة ، والقيم المجسّدة للإسلام في أبهى مظاهره ، وبلغ الأمر في هذا الإطار إلى أنْ أصبح عنوان التسنّن حبَّ الشيخين وتقديمهما على غيرهما ، وعنوان التشيّع حبّ عليّ عليهالسلام وتقديمه على غيره.
بدأت التفاتتي إلى مسألة مودّة أهل البيت عليهمالسلام ، عندما عثرت على رواية أخرجها الترمذي تقدّمُ الخليفة الأوّل وابنته على الصفوة الطاهرة ، تقول : عن أنس قال : « قيل يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ قال : عائشة قيل : من الرجال؟ قال : أبوها » [١].
لم أستسغ الحديث في نفسي على الرغم من مذهبي الذي كان أحد أبرز سماته ذلك الاعتقاد في المفاضلة ، ولم أتلقّاه كعادتي عندما كنت أتقبل حديثاً مرويّاً عن النبي صلىاللهعليهوآله ، فانبنى بيني وبينه حائل يتمثّل في مكانة عليّ وفاطمة الزهراء عليهاالسلام من رسول الله صلىاللهعليهوآله.
والى جانب هذه الرواية أخرج الترمذي أيضا رواية أخرى مناقضة للرواية الأولى تقول : عن ابن بريدة عن أبيه قال : « كان أحب النساء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة ومن الرجال علي » [٢].
فاستغربت من إقدام حفّاظ الحديث عند الخطّ السنّي على نقل المتناقضات في كتبهم ، ولم أفهم السبب الذي دفع بهم إلى سلوك ذلك الأسلوب ، الذي لا يتيح