responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نهضة الحسين (عليه السلام) نویسنده : الحسيني الشهرستاني، هبة الدين    جلد : 1  صفحه : 143
اختاه إنّ أهل الأرض يموتون، وأهل السماء لا يبقون، فلا يبقى إلاّ وجهه، قد مات جدي وأبي وأُمي وأخي وهم خير مني، فلا يذهبن بحلمك الشيطان» ولم يزل بها حتى أسكن بروحه روعها ونشف بطيب حديثه دمعها.

ولكن في المقام سر مكتوم: فإن زينباً تلك التي لم تستطع أن تسمع إشارة من نعي أخيها وهو حي ـ كيف تجلدت في مذبح أخيها وأهلها بمشهد منها، ورأت رأسه ورؤوسهم مرفوعة على القنا وتلعب بها الصبيان، وينكت ابن زياد ويزيد ثنايا أخيها بين الملأ بالقضيب، الى غير ذلك من مصائب لا تطيق رؤيتها الأجانب فضلاً عن أمس الأقارب.

فليت شعري! ما الذي حوّل ذلك القلب الرقيق الى قلب أصلد وأصلب من الصخر الأصم؟ نعم، كانت شقيقة الحسين (عليه السلام) أخته بتمام معاني الكلمة، فلا غرو إنّ شاطرت سيّدة الطف زينب أخاها الحسين (عليه السلام) في الكوارث وآلام الحوادث، فقد شاطرته في شرف الأبوين ومواريث الوالدين خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً.

وعليه فإنّها على رقة عواطفها وسرعة تأثّرها تمكّنت من تبديل حالتها، والاستيلاء على نفسها بنفسها، من حين ما أوحى إليها الحسين (عليه السلام) بأسرار نهضته وآثار حركته وأنّه لا بد أن يتحمل أعباء الشهادة وما يتبعها من مصائب ومصاعب في سبيل نصرة الملة وإحياء شريعة جدّه وشعائر مجده ـ لكنه سيار يطوي السرى الى حد مصرعه في كربلاء ـ ثم لابد وأن تنوب هي عن أخيها في إنجاز مهمته وإبلاغ حجته في تحمل الخطوب وإلقاء الخطب ومكابدة الآلام من كربلاء الى الكوفة ثم الى الشام قائمة بوظيفته، محافظة على أسرار نهضته، ناشرة لدعوته في كل أين وآن، منتهزة سوانح الفرص، وهو معها أينما كانت يباريها لكنه على عوالي الرماح خطيباً بلسان الحال كما هي الخطيبة بلسان المقال.

نام کتاب : نهضة الحسين (عليه السلام) نویسنده : الحسيني الشهرستاني، هبة الدين    جلد : 1  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست